للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء -عليه السلام- سواء، وإنَّما يتفاضلون بالأمور الدينية، وهي طاعة اللَّه تعالى ومتابعة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-) (١).

وبهذا يتضح أنَّ رابطة العالميَّة في الإسلام رابطة دينيَّة لا وجود للتفاضل فيها إلَّا بالتقوى والعمل الصالح، ورُبَّمَا دعا (فلهوزن) إلى مقولته هذه بحثه فيما أسماه الدولة العربية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الأمويَّة، ولعله استنتج من بحثه هذا قصر الإسلام على العرب، إن لم يكن حدَّدّ النتيجة سلفًا كما يظهر من عنوان مؤلفه (٢)، ولا شك أن هذا استنتاج خاطئ؛ لأن دولة الإسلام عندما كانت بقيادة العرب لا يستلزم من ذلك كون رسالة الإسلام خاصة بهم.

الثانية: إنَّ الناظر في مبادئ الإسلام وتعاليمه من ناحية، وفي الأُمَّة التي حملت تلك المبادئ والتعاليم من ناحية أخرى يجد أجناسًا عدّة، وشعوبًا شتى، قد دخلت الإسلام وحملت دعوته، وتكونت منها جميعًا أُمَّته، ولم يحدّها زمان ولا مكان، ولا اختصت بقوم دون آخر، بل كانت دعوةً عالميَّة شاملة للبشرية أجمع.

وفي بداية الإسلام كانت أُمَّة الإسلام تتكون من بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، إلى جانب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد بن الوليد، يرتصون في الصلاة خلف الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صفًا واحدًا متحاذي المناكب والأقدام، يتوجهون إلى قبلة واحدة، ويعبدون إلهًا واحدًا مقتدين في ذلك بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي هذا المظهر البديع دلالة على تلك الرابطة العقديَّة التي ترتكز عليها العالمية في الإسلام، والتي تتجاوز رابطة


(١) تفسير القرآن العظيم: ٤/ ٢١٧، (مرجع سابق).
(٢) وقد ظهر عنوانه في ترجمة أخرى: (الدولة العربية وسقوطها) ترجمة: يوسف العش، عن مطبعة الجامعة السورية، دمشق ١٩٥٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>