للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تنبه العقاد إلى هدف آخر يرنو إليه (سوندرس) من خلال مقولته تلك عبَّر عنه بقوله: (أمَّا إذا ساءت النية، وما أكثر الدواعي إلى سوء النية في كتابة تاريخ فلسطين. . فقد يفهم من كلام الكاتب أنَّ دخول الإسلام إلى فلسطين إنَّما كان عملًا من أعمال الاستعمار العربي، ولم يكن هداية دينية خالصة لوجه اللَّه) (١)، وعزَّز العقاد هذا الاستنتاج بقرينة صاحبت ذلك المقال، إذ قال: (ويرد هذا المخاطر -قسرًا- إذا اطلع القارئ في العدد نفسه على مقال مسهب عن دخول اليهود إلى فلسطين، ليتخذوها مأوى لهم وموطنًا موعودًا من عهد الخليل إبراهيم) (٢). .

هذا إضافة لما سبق ذكره من الأدلة النقلية والعقلية والواقعية التي تثبت عالميَّة الإسلام وعالميَّة الأُمَّة الإسلاميَّة، ولكن هذا المستشرق وأمثاله من الذين وصفهم العقاد بأنَّهُم: (يقرؤون الكتاب المبين ولا يستبينون منه أظهر معانيه، بل أظهر كلماته، التي لا تحتاج إلى مراجعة من أخبار الإسلام أو أخبار التواريخ) (٣)، وصدق القائل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: ٨٢]، والقائل جل وعلا: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: ٤٥ - ٤٦]، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: ٤٤].

وخلاصة القول في آراء (سوندرس) وغيره من المستشرقين الذين شككوا في عالميَّة الإسلام وفي كونها خصيصة تميَّزت بها الأُمَّة الإسلاميَّة


(١) الإسلام دعوة عالمية. .: ص ١٢٧، ١٢٨، (المرجع السابق نفسه).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ١٢٨.
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ١٣٠، وانظر: محمد فتح اللَّه الزيادي: انتشار الإسلام وموقف المستشرقين منه: ص ٣٢ - ٣٤، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>