للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِمَّا أبقى الإسلام من أعمال الحج التي كانت معروفة ومعمولًا بها في الجاهليَّة: السعي بين الصفا والمروة، والتلبية، والوقوف بعرفة اليوم التاسع من ذي الحجة، والإفاضة منها إلى مزدلفة والمبيت بمنى، ورمي الجمرات (١).

ولكن الإسلام أذهب ما علق بها من أمور الجاهليَّة سواء الشركيات في الاعتقاد أو المبتدعات في أشكال العبادة، ذكر اليعقوبي (أنَّ العرب إذا أرادت حج البيت الحرام، وقفت كل قبيلة عند صنمها، فصلوا عنده، ثُمَّ لبوا حتى يقدموا مكة، فكانت تلبياتهم مختلفة) (٢)، فقد نقَّى الإسلام التلبية من أوضار الشرك، وجعلها خالصة للَّه، ولم يبطلها من حيث أصل المشروعيَّة.

(وكان الجاهليون يطوفون بين الصفا والمروة، ومنصوب عليها صنمان هما (أساف)، و (نائلة) وكانوا يطوفون بهما سبعة أشواط، ووصف الإسلام مشي الحاج بين الصفا والمروة بـ (السعي) وأبقى هذه الشعيرة) (٣) بعد أن أزاح الأصنام، وشرع أدعية التوحيد وإخلاص العبادة للَّه.

ولا شك أنَّ ما أبقاه الإسلام من العبادات والشعائر التي كانت معروفة في الجاهليَّة هو الحق الذي شرعه اللَّه، وبلَّغَه الرسول الخاتم -صلى اللَّه عليه وسلم- لأمته، ومنه ما كان من بقايا الحنيفيَّة السمحة، ومنه ما أوجبه اللَّه على عباده على لسان المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- أو أُمِرَ بفعله، وأمر هو -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَّتَه أن تفعل كفعله، كما في الحديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٤).


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٣٢٤، ٣٢٥.
(٢) أديان العرب ١/ ٢٢٥، وانظر: المرجع السابق نفسه: ص ٣٢٤.
(٣) ساسي سالم الحاج: المرجع السابق نفسه: ص ٣٢٥.
(٤) سبق تخريجه: ص ٨٦٨، (البحث نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>