للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسفك الدماء، فأراهم من فضله وعلمه خلاف ما كان ظنهم) (١).

وبهذا تتضح أهميَّة العلم في الاستخلاف، وأنَّه من مقومات الاستخلاف الرئيسية، وفي ذلك يقول أحد الباحثين: (أمَّا تحقيق السيادة فيقوم على ركيزتين، الأولى: وهبها اللَّه للإنسان فهي ركيزة ذاتية وتتمثل في الفاعلية الإنسانية، التي تعمل بترشيد من العلوم التجريبيَّة التي تمكن الإنسان من توسيع دائرة عمله، وتأكيد وترسيخ وتقوية فاعليته، فعلم الأسماء يدخل مقومًا أساسيًا في هذه الركيزة؛ لأنّ العلم التجريبي ليس سوى معرفة خصائص الأشياء، والقوانين التي تحكم العلاقات والتأثير بينها، فإذ عرف الإنسان طبيعة الشيء، أو الحي وخصائصه، وتأثيره وتأثره بغيره استطاع تسخيره له والانتفاع به، وتحقيق سيادته عليه، فالعلم التجريبي هو المؤهل الذاتي المحقق لسيادة الإنسان في الأرض) (٢).

ومِمَّا يلحظ في قضية الاستخلاف من حيث المبدأ والتاريخ، أنَّ هذا النوع من العلم قد ينفك عن الخلافة الشرعيَّة، ويتأتى للأمم الكافرة، وتستطيع عن طريقه أن تحقق شيئًا من السيادة والعلو في الأرض، وبمعنى آخر أن تقيم حضارة بالمفهوم الوضعي، وقد وصف اللَّه بعض الناس بأنهم: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: ٧]، قال ابن عباس في تفسيرها: (يعني الكفار يعرفون عمران الدنيا وهم في أمر الدين جُهَّال) (٣).


(١) بدائع الفوائد ٤/ ١٣٨، ١٣٩، عن دار الفكر (بدون تاريخ)، وانظر: بدائع التفسير ١/ ٣٠٣، ٣٠٤، (مرجع سابق).
(٢) فاروق الدسوقي: استخلاف الإنسان في الأرض ص ٢٣، ٢٤، (مرجع سابق) وانظر: صبحي الصالح: الإسلام ومستقبل الحضارة: ص ٢٦ - ٣٠، الطبعة الثانية، ١٩٩٥ م، عن دار قتيبة - بيروت.
(٣) صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير القرآن الكريم: ص ٣٩٩، (مرجع سابق). وانظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ٣/ ٤٢٧، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>