للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: ٤٠]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٤٢ - ٤٥]

فهذه الآيات تبين -بجلاء ووضوح - أنّ اللَّه عز وجل علم الإنسان، وبهذا العلم مكَّنه من استعمار الأرض وعمرانها وسيادته عليها وعلى كثير من المخلوقات الموجودة فيها حتى من بني جنسه، وأنّ هذا التمكين يُمثّل البلاء والامتحان، فإنْ أحسن وحقق عبوديته للَّه واستقام على الطريق المستقيم فاز في الدنيا والآخرة، وإن تنكب الطريق وظلم وطغى وبغى فإنَّه يصبح عرضة للعقاب التدريجي الذي يمثل الإنذار والدعوة لتصحيح المسار والعودة إلى صراط اللَّه المستقيم فإن حدث هذا تاب اللَّه عليه ومتعه إلى حين، وهذا ما حدث لقوم يونس عليه السلام، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧) فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: ٩٦ - ٩٨]، وإن استمر الإنسان في انحرافه ولم يتعظ تتابعت عليه الآيات، وكانت كل آية أكبر من أختها (١)، حتى يتم (الاستئصال التام كما حدث لقوم لوط وفرعون وغيرهم) (٢).


(١) قال تعالى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: ٤٨].
(٢) عبد السلام بن نصر اللَّه الشريف: سنة اللَّه في عقاب الأمم في القرآن الكريم: ص ٤٩، ٥٠ الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م عن دار المعراج الدولية للنشر - الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>