لقوله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[محمد: ١٩]، ولذلك (أجمع العلماء (كما حكاه ابن عبد البر) على أنَّ من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصَّة نفسه، ومنه ما هو فرض على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه عن أهل ذلك الموضع. واختلفوا في تلخيص ذلك، والذي يلزم الجميع فرضه من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة باللسان، والإقرار بالقلب بأنَّ اللَّه وحده لا شريك له، ولا شبه له، ولا مثل له، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، خالق كل شيء، وإليه يرجع كل شيء، المحيي المميت، الحي الذي لا يموت، عالم الغيب والشهادة، هما عنده سواء، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن.
والذي عليه جماعة أهل السنة والجماعة أنَّه لم يزل بصفاته وأسمائه، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، وهو على العرش استوى، والشهادة بأن محمدًا عبده ورسوله، وخاتم أنبيائه حق، وأنّ البعث بعد الموت للمجازاة بالأعمال، والخلود في الآخرة لأهل السعادة بالإيمان والطاعة في الجنَّة، ولأهل الشقاوة والكفر والجحود في السعير حق، وأنَّ القرآن كلام اللَّه، وما فيه حق من عند اللَّه يلزم الإيمان بجميعه، واستعمال محكمه، وأن الصلوات الخمس فريضة، ويلزمه من علمها علم ما لا تتم إلَّا به من طهارتها وسائر أحكامها، وأن صوم رمضان فرض، ويلزمه علم ما يفسد صومه، وما لا يتم إلَّا به، وإن كان ذا مال وقدرة على الحج لزمه فرضًا، وأن يعرف ما تجب فيه الزكاة ومتى تجب وفي كم تجب، ولزمه أن يعلم بأن الحج عليه فرض مرة واحدة في دهره إن استطاع السبيل إليه، إلى أشياء يلزمه معرفة جملها ولا يعذر بجهلها، نحو: تحريم الزنى، وتحريم الخمر، وأكل الخنزير، وأكل الميتة، والأنجاس كلها، والسرقة، والربا،