للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٥٥]، وعلى هذا النحو جاءت الكثرة الكاثرة من الآيات المحكمات، وجاءت الأحاديث النبويّة الشريفة تبين مقومات استخلاف الأُمَّة الإسلاميَّة، وتعدها بالنصر والرفعة والسيادة على الأرض والشهادة على الناس إذا هي حققت تلك المقومات:

وأولها: الإيمان (فالإيمان بخصائصه هو منبع الاعتزاز باللَّه تعالى، والاعتزاز باللَّه هو مصدر الدوافع القياديَّة في الأمَّة الإسلاميَّة، وبهذا كان منصب الخلافة في أرض اللَّه بوضع إلهي، وتكليف سماوي، لا اختيار لها في فرضه عليها وتكليفها القيام بعبئه، وقد أوتيت هذه الأُمَّة من الوصايا الإلهية، والأوامر التكليفية، ومنحت من العوامل النفسية، والفضائل الخلقيّة، والحوافز التربويَّة ما مكن لها -يوم أن كان الإيمان والاعتزاز باللَّه يقودانها- من إعداد أقوى الدعائم الماديَّة للدفاع عن دعوة الحق، فكان يكفي أن تبلغ مسامع أحد خلفائها صيحة امرأة مسلمة من أبواب أسوار الأسر قائلة: "وامعتصماه" فيهب في تعبئة لكتائب الحق لا تعود إلى قلاعها حتى تريح الحق إلى ساحته، فهي أمَّة قد اختارها اللَّه لتكون خاتمة الأمم صاحبة الشرائع الإلهية، واختار نبيها -صلى اللَّه عليه وسلم- ليكون أكمل رسول بأكمل رسالة ختمت الرسالات السماويَّة، فكان لابُدَّ أن تكون رسالة جامعة لكل خير جاءت به رسالة سابقة عليها، إلى جانب ما يقتضيه تطور الإنسانية الفكري والاجتماعي من حقائق لم تكن تتطلبها، ولا تطيقها الأمم في طورها الفكري والاجتماعي) (١).

(وقد جاءت النبوة الخاتمة نبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- تحدد المنهاج النهائي


(١) محمد الصادق عرجون: الأمَّة الإسلاميَّة ص ٤٧، ٤٨ (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>