إنَّ الإحاطة بمنزلة اللغة العربية ومميزاتها الأساسية التي عملت على قوتها وانتشارها من الصعوبة بمكان، ولكن يقتصر هنا -بإيجاز- على الآتي:
١ - كون اللغة العربية ارتبطت بشعائر الإسلام وعباداته، وغدت جزءًا أساسيًا من لغة المسلم اليوميَّة وفي حياة الأمَّة الإسلاميَّة؛ لأنَّها ملازمة للفرائض الإسلاميَّة؛ [فقد أوجب الإسلام أن تكون إقامة الصلاة، وتلاوة القرآن وترتيله، والأذان، ومناسك الحج والدعاء، وسائر الشعائر الدينيَّة، ونحو ذلك باللغة العربية، كما فرض على المسلمين في مختلف الأقطار والأمصار تعلم آي القرآن الكريم وحفظه وفهمه، والإكثار من تلاوته، ويتحتم على الإمام والواعظ إتقان العربية، لكي يفهم أحكام القرآن والسنَّة، ويحسن شرحها وتفسيرها، ومعروف أن أحكام القرآن وتعاليمه لا يصح أن تؤخذ إلَّا من نصه العربي، ولا تعد ترجمته إلى أيِّ لغة إلَّا تفسيرًا لمعانيه، فلا تستنبط أحكامه منها.
لكل هذا ارتفعت منزلة اللغة العربية عند المسلمين، وتفقه المختصون في دراسة علوم العربية ووضع قواعدها في النحو والصرف، والبيان، والمعاني، وموازين الشعر، ورسم الحروف، والخط وغيرها، وألفوا فيها عددًا ضخمًا من نفائس الكتب، ومنهم العرب وغيرهم، ونشطت لذلك بوجه خاص في زمن باكر، مدرستا البصرة والكوفة، فظهر في الأولى مثلًا أول معجم لغوي، وأول كتاب في أوزان الشعر، وأشهر كتاب في نحو العربية، منذ أكثر من اثني عشر قرنًا، وهو معجم العين وكتاب العروض للعالم الفذ (الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري) والكتاب (لسيبويه)] (١).
(١) جميل عيسى الملائكة: اللغة العربية ومكانتها في الثقافة العربية الإسلامية (المرجع السابق): ص ١٢٤، ١٢٥، أمر وجوب اللغة العربية في ضعائر الإسلام وفرضيتها في تعلم القرآن الكريم وتعليمه ليس على إطلاقه وإنَّما لفقهاء الإسلام في ذلك تفصيلات =