الخاتم إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩]، ولا يقبل اللَّه من مكلف دينًا سواه:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: ٨٥] ولأنَّ دَعوة الإسلام ترتكز على عقيدة التوحيد الخالص للَّه وتحقيق العبوديَّة له، بما يتوافق مع الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها؛ فقد (دعا اللَّه -تبارك وتعالى- الناس جميعًا -في غير إكراه- إلى اتباعها؛ لأنها دعت إلى عقيدة التوحيد التي دعا إليها الرسل، وفاصلوا أقوامهم عليها، فوضح للناس جميعًا منذُ خلق آدم أبي البشر أن جميع ما أنزله، هو في حقيقته كتاب واحد ورسالة واحدة، تلخصت كلها في القرآن الكريم، فلا مدعاة للاختلاف بينهم إذا صدقوا العزم، وأخلصوا القصد، ونبذوا البغي والعصبيَّة، في هذا يقول جلَّ شأنه:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة: ٢١٣]. . .، إنَّ الحق تبارك وتعالى لم يترك عباده هملًا دون أن يبين لهم ما يتقون، فما دام قد بين لعباده أنَّه قد ضمن لهم الرزق في حياتهم الدنيا، فلا بدّ أن يتضمن كتابه له ما يضرهم، وما ينفعهم في مسار حياتهم المتعددة الجوانب، في شتّى صورها بدءًا من واجب الفرد إلى نظام الأُسرة مرورًا بشرائع الأمَّة. .، ثُمَّ بعد ذلك لا يقف جهد النظام الإسلامي عند هذا الهدف وإنَّما يبني أحكامه على وحدة شاملة لجميع أهل الأرض أعلنها اللَّه تعالى في كتابه. .، فشمول الرسالة المحمديَّة للنظام يحكم الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، فضلًا عما يدعو اللَّه إليه من وحدة أهل الأرض جميعًا تحت راية الإسلام، لا يستهدف علوًّا في الأرض ولا فسادًا، وإنَّما يستهدف تمكين سلطان الدين في الأرض. .، ثُمَّ يظل نداء اللَّه للمؤمنين والمؤمنات يعلو بخصوصية ما ميَّزهم