للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - الادعاء بأن الإسلام لا يحدث تميُّزًا في العادات والتقاليد تنبع من أصالته وجدّته، وإنَّما يتلون هو نفسه بعادات الشعوب وتقاليدها، وهو ادعاء تشتمل عليه بعض دراسات (هاملتون حبيب) في تاريخ الإسلام وحضارته وهي دراسات يُمكن القول فيها إنها: (تخفي وراءها الكثير من الآفات الفكرية، فنراه مثلًا في الفصل الأول من كتابه (دراسات في حضارة الإسلام) يقول: "فقد ظهرت للإسلام ملامح مختلفة في مختلف الأزمنة والأمكنة بتأثير المحليَّة الجغرافية، والاجتماعية، والسياسية فيه، وبقوة استجابته لها, ولنمثل على ذلك بما تَمَّ في الغرب، أعني في شمال غربي إفريقية، وفي إسبانيا أثناء العصور الوسطى؛ ففي تلك المناطق اتخذ الإسلام لنفسه خصائص فارقة على الرغم من الصلة الوثيقة بين تلك المناطق وقلب العالم الإسلامي في غريب آسيا، وعلى الرغم من أنَّ الثقافة فيها كانت فرعًا من الثقافة السائدة في قلب العالم الإسلامي، وكان لبعض تلك الخصائص الفارقة أثرها في الإسلام نفسه في غربي آسيا" (١).

بهذا النوع من التعبير يتناول في تفسيره التاريخ الإسلامي، الكثير من الإساءات إلى الإسلام نفسه. . فهو حينما يجعل الاستجابة للعوامل المحليَّة الجغرافية والاجتماعية والسياسية، من خصائص الإسلام، يسلب الإسلام، عوامل التأثير الكامنة فيه التي يواجه بها التحديات الاجتماعية والسياسية والعوامل المحليَّة الأخرى) (٢).

ومِمَّا لا شك فيه أنَّ العوامل التي ذكرها (حبيب) تتفاعل مع معطيات الإسلام، ولكنها هي التي تستجيب لما يحدثه الإسلام فيها من تغيير ومن تهذيب وصقل حتى تصطبغ بصبغة الدين، وتسير في صراط اللَّه المستقيم،


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٦٧.
(٢) نقلًا عن: محمد عبد اللَّه مليباري: المرجع السابق نفسه: ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>