للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلنا: قد قال بعضُ أهلِ العلم: إنما ذلك؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أرادَ أن يكونَ ذلك حدًّا يُرْجَع إليه ليرتفعَ الخصام، ويزولَ النزاعُ (١) والتشاجُرُ، وقد كان -صلى اللَّه عليه وسلم- حريصًا على رفع التشاجُر عن أمتهِ، وهذا كما قضى في الجنين بالغُرَّة، ولم يفصل بين الذكر والأنثى (٢)، مع اختلافهما في الدِّياتِ؛ لأن هذه المواضع لما كان يتعذر ضبطُها عندَ البيناتِ، كثر التنازعُ فيها، فرفعه (٣) -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن جعلَ القضاءَ في ذلك لواحد (٤). انتهى.

فإن قلت: لم لا يكونُ جودةُ لبن الشَّاةِ- وإن قلَّ- مقابلًا لكثرةِ لبنِ الناقةِ، فيكونان كالمتساويين من حيث المعنى، ويكون هذا الجوابُ أسدَّ مما (٥) حكاه الإمام؛ لكونه غيرَ خارج عن الأصل، ولا مفتقرٍ إلى التعليل بقطع النزاع؛ بخلاف الأول؟

قلت: لو لم يعارضْه اختلافُ الإبل نفسِها في كثرة الحلب وقِلَّته، لكان كما قلتَ، ولا يخلو عندي من نظر.

إذا ثبتَ هذا، فلتعلمْ: أن الحديثَ نصٌّ في رد الصاع مع الشاة، ويلزم منه عدمُ ردِّ اللبن؛ إذ لو أراد أن يردَّ اللبنَ بعينه عوضًا عن الصاعِ


(١) في "ت": "التنازع"
(٢) في "ت": "ذكر وأنثى".
(٣) في "ت": "فدفعه".
(٤) انظر: "المعلم" للمازري (٢/ ٢٤٩ - ٢٥٠) و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (٥/ ١٤٤ - ١٤٥).
(٥) في "ت": "أشدهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>