الْعَدَالَةِ لِبَيَانِ الْجَرْحِ وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْمَسَاوِئِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْجَرْحِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَائِدَةٌ دِينِيَّةٌ فَذِكْرُهَا غِيبَةٌ شَدِيدَةُ التَّحْرِيمِ مُفَسَّقٌ إنْ كَانَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَقُرَّاءِ الْقُرْآنِ بَلْ وَكَذَا فِي كُلِّ أَحَدٍ لِغَيْرِ مُسَوِّغٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَنُقِلَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ آذَى فَقِيهًا فَقَدْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ آذَى اللَّهَ تَعَالَى فَيَنْبَغِي لِهَذَا الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَتَأَمَّلَ ذَلِكَ وَيَرْجِعَ عَنْ هَذَا التَّأْلِيفِ بِمَحْوِهِ وَيَتُوبَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمًّا فَرَّطَ مِنْهُ مِنْ إيذَاءِ الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ سِيَّمَا أَكَابِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلِيَتَأَمَّلْ إنْ وُفِّقَ عَظِيمَ أَدَبِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَعَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - حَيْثُ كَنَّى عَنْ اسْمِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ مُبَالَغَةً فِي التَّأَدُّبِ مَعَهَا وَنَصُّهُ كَمَا فِي التَّوْشِيحِ عَنْهُ «وَقَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً لَهَا شَرَفٌ فَتَكَلَّمَ فِيهَا فَقَالَ لَوْ سَرَقَتْ فُلَانَةُ لِامْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» إلَى تَعْبِيرِهِ بِفُلَانَةَ دُونَ فَاطِمَةَ تَأَدُّبًا مَعَهَا أَنْ يَذْكُرَهَا فِي هَذَا الْمَعْرَضِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ ذَكَرَهَا بِاسْمِهَا وَلَوْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمُؤَلِّفُ عَظِيمَ الْمُبَالَغَةِ مِنْ أَدَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا الْمَقَامِ لَعَلِمَ أَنَّ مَا سَلَكَهُ أَمْرٌ لَا يَخْلُصُ مِنْ وَرْطَةِ قُبْحِهِ وَشَنَاعَةِ مَوْقِعِهِ فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَحَمْلِهِ النَّاسَ عَلَى ذِكْرِهِمْ بِذَلِكَ الْأَمْرِ الشَّنِيعِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ لِأَصْحَابِ نَبِيِّهِمْ إلَّا بِأَنْ يُخْلِصَ التَّوْبَةَ وَيَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْمُؤَلَّفِ رَجَاءً لِعَفْوِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ وَلْيَحْذَرْ مِنْ أَنْ يُصِرَّ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ فِي ذَلِكَ مَوْعِظَةً فَإِنَّهُ لَا مَوْعِظَةَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ وَأَيُّ مَوْعِظَةٍ فِي:.
فُلَانٌ الْمَيِّتُ أَعْوَرُ وَفُلَانٌ الْمَوْجُودُ أَبْرَصُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ مَا يُؤْذِي الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تُنُزِّلَ مَعَهُ وَقِيلَ فَرَضْنَا صِحَّةَ اعْتِقَادِك الْفَاسِدِ أَنَّ فِيهِ مَوْعِظَةً لَكِنَّ فِيهِ مَفَاسِدَ لَا تُحْصَى وَمَنْ الَّذِي جَوَّزَ النَّظَرَ إلَى مَصْلَحَةٍ مَوْهُومَةٍ مُنَازَعٍ فِي وُجُودِهَا بَلْ الْحَقُّ عَدَمُهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْ النَّظَرِ إلَى مَفَاسِدَ مُحَقَّقَةٍ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ إلَّا جَاهِلٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَإِنْ قَالَ لَا يُشَنَّعُ عَلَيَّ بِمَا ذَكَرْته فِي الصَّحَابِيِّ لِأَنِّي نَاقِلُهُ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَكْرَهُونَهُ لِزَوَالِ رَعُونَاتِ نُفُوسِهِمْ الْمُسَبَّبِ عَنْهَا كَرَاهَةُ ذَلِكَ قُلْنَا لَهُ الشَّنَاعَةُ لَازِمَةٌ لَك عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لِأَنَّك اقْتَدَيْت فِي نَقْلِ ذَلِكَ بِمَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَلِأَنَّ مَنْ نَقَلَهُ لَمْ يَسُقْهُ مَسَاقَك بَلْ سَاقَهُ مَسَاقًا آخَرَ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يَلْحَقَ مَنْ ذَكَرَهُ عَنْهُ عَارٌ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ سُقْته مَسَاقًا حَامِلًا لِلْعَامَّةِ عَلَى التَّعْيِيرِ بِهِ فَكُنْت مُنْتَقِصًا لِلصَّحَابَةِ وَمُتَسَبِّبًا لِانْتِقَاصِهِمْ فَعَلَيْك وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا زَعْمُك أَنَّهُمْ لَا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ فَزَعْمٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ كَرَاهَتَهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالطَّبْعِ الَّتِي لَا مَدْخَلَ لِلرُّعُونَةِ فِيهَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْمُؤَلِّفَ إنْ تَابَ وَأَعْدَمَ ذَلِكَ الْمُصَنَّفَ فَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ بَعْدَ الْآن وَقَبْلَهُ الْأَمْرُ فِي تَعْزِيرِهِ لِلْحَاكِمِ وَإِنْ أَبْرَمَ وَصَمَّمَ وَعَانَدَ وَلَمْ يَمْتَثِلْ لِأَئِمَّةِ الشَّرْعِ وَحُكَّامِهِ فَعَلَيْهِمْ وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَيَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ الدِّينَ وَقَصَمَ بِسَيْفِ عَدْلِهِ الطُّغَاةَ وَالْمُتَمَرِّدِينَ زَجْرُهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يَرَوْنَهُ مِمَّا يَلِيقُ إلَى أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ تَوْبَتَهُ وَعَلَيْهِمْ أَيْضًا إفْسَادُ تِلْكَ الْقَبَائِحِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمُؤَلَّفُ بِمَحْوِهَا مِنْهُ بَلْ وَلَهُمْ تَقْطِيعُهُ أَخْذًا مِمَّا أَفْتَى بِهِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ مِنْ أَنَّ مَنْ بَنَى دَارًا بِرَسْمِ الْفَسَادِ هُدِمَتْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ أَطْلَقَتْ التَّعْزِيرَ وَنُصُوصُ الشَّارِعِ وَأَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ قَاضِيَةٌ بِإِقَالَةِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ قُلْت مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْمُؤَلَّفُ الْمَذْكُورُ اشْتَمَلَ عَلَى كَبِيرَةٍ بَلْ كَبَائِرَ تَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيَّ وَعَلَى مُؤَلِّفِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَم.
(وَسُئِلَ) فِي حُرَّةٍ مَلَكَتْ مِنْ عَبْدٍ بَعْضَهُ هَلْ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَالرُّؤْيَةُ وَالْمُسَافَرَةُ كَمَا لَوْ مَلَكَتْهُ كُلَّهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا بُدَّ فِي حِلِّ النَّظَرِ مِنْ الْقِنِّ لِسَيِّدَتِهِ وَعَكْسُهُ مَنْ مَلَكَهَا لِجَمِيعِهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ كَالْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا.
(وَسُئِلَ) عَنْ امْرَأَةٍ هَلَكَتْ وَخَلَفَتْ ابْنًا وَابْنَ ابْنٍ وَأَخًا وَأَبًا وَعَتِيقَةً هَلْ يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ بَعْد الِابْنِ وَابْنِهِ لِلْأَخِ وَالْأَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute