للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِعْلَامِ بِبَذْلِ طَاعَتِهَا إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي أَقَامَتْ فِيهِ أَوْ لَا وَلَيْسَ لَهَا إلَّا الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا فَسْخَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَعَجِيبٌ مِنْ تَوَقُّفِ السَّائِلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَرَدُّدِهِ فِي الْفَسْخِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّفَر لِحَاجَتِهِ فَقَطْ فَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْهَا أَوْ حَدَثَ فِيهِ شُرُوطُ الْفَسْخِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَئِمَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ دُون الْآرَاءِ الضَّعِيفَةِ الْكَثِيرَةِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ جَازَ لَهَا الْفَسْخُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَأَوْلَدَهَا أَوْلَادًا ثُمَّ أَبَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَكَانٌ فَبَاعَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ مِنْ رَجُلٍ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الثَّانِي قُرْبَانَهَا كَيْفَ الطَّرِيقُ الْمُسَوِّغُ لِذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَهَا سَيِّدُهَا كِتَابَةً صَحِيحَةً ثُمَّ يَنْذُرُ مَالِكُ الْعَبْدِ لَهَا بِهِ فَتَقْبَلُ فَتَمْلِكُهُ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ ثُمَّ يَتَفَاسَخَانِ السَّيِّدُ وَهِيَ الْكِتَابَة وَيَسْتَبْرِئُهَا بِالْأَكْثَرِ مِنْ حَيْضَتَيْنِ عِدَّةَ الْحَيَاةِ وَمِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ عِدَّةَ الْمَوْتِ لِاحْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي مَوَاضِعَ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ مَجْمُوعِ الْحِيلَةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَره.

[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

(سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَسْلَمَ السَّفِيهُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ كَمَا يُصَرِّح بِهِ كَلَامُهُمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْلُهُمْ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا اخْتَارَ وَإِلَّا وَقَفَ إلَى كَمَالِهِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ السَّفِيهَ يَخْتَارُ وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الِاخْتِيَارُ مَعَ الْإِحْرَامِ مِنْهُ أَوْ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ فَكَانَ كَالرَّجْعَةِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الرَّجْعَةِ أَنَّ لِلسَّفِيهِ أَنْ يَرْتَجِعَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ تَغْلِيبًا لِشَبَهِهَا بِالِاسْتِدَامَةِ فَكَانَ الِاخْتِيَارُ مِثْلَهَا فِي ذَلِكَ بِعَيْنِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ مِثْلُهَا وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ أَنَّ لِلْعَبْدِ هُنَا الِاخْتِيَارَ وَلَمْ يُقَيِّدُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّفِيهَ مِثْلُهُ عَلَى أَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَرْتَجِعَ بِلَا إذْن فَقِيَاسُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنهمَا فِي ذَلِكَ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ الِاخْتِيَارَ كَالرَّجْعَةِ.

فَإِنْ قُلْت تَجْوِيزُهُمْ رَجْعَةَ الْأَمَةِ مَعَ فَقْدِ شُرُوطِ حِلِّ ابْتِدَاءِ نِكَاحِهَا وَمَنْعِهِمْ اخْتِيَارِهَا حِينَئِذٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الرَّجْعَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِاخْتِيَارِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِ الرَّجْعَةِ لِلسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ بِلَا إذْنٍ تَجْوِيزُ الِاخْتِيَارِ لَهُمَا بِلَا إذْنٍ قُلْت افْتِرَاقُهُمَا فِي هَذَا لَا يُوجِبُ افْتِرَاقَهُمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنهمَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَإِذَا تَعَارَضَتْ التَّسْوِيَةُ فِي الْأَكْثَرِ وَالْفَرْقُ فِي الْأَقَلِّ كَانَ الْإِلْحَاق بِالْأَوَّلِ أَوْلَى عَلَى أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنهمَا بِأَنَّ الْكُفْرَ انْضَمَّ إلَى الرِّقِّ هُنَا لِأَثِمٍ فَكَانَ هُنَا مَانِعَانِ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ فَاشْتَرَطُوا وُجُودَ الْحِلِّ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ وَثَمَّ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَانِعٌ وَاحِدٌ فَكَانَ الِاخْتِيَارُ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ مِنْ الرَّجْعَةِ فِي هَذَا الْفَرْدِ الْخَاصِّ الَّذِي لَيْسَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ نَظِيرُهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ خِيَارِ النِّكَاحِ]

(وَسُئِلَ) مَا حُكْمُ تَمْرِيضِ الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ وَاَلَّذِي فِيهِ طَاعُونٌ وَاَلَّذِي فِيهِ عِلَّةٌ وَقَالَ أَهْلُ الطِّبّ إنَّهَا تُعْدِي؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ وَرَدَ فِي الْعَدْوَى وَعَدَمِهَا أَحَادِيثُ ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إلَى الْمَجْذُومِينَ» وَحَدِيثُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَمُسْلِمٍ فِي إفْرَادِهِ «أَنَّهُ كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ارْجِعْ فَقَدْ بَايَعْنَاك» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ» .

فَهَذِهِ كُلُّهَا ظَاهِرَةٌ فِي إثْبَاتِ الْعَدْوَى وَمِنْ الْأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ بَلْ الصَّرِيحَةِ فِي نَفْيِ الْعَدْوَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ مَجْذُومٍ فَأَدْخَلَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ فَقَالَ كُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاَللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ» خَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُورِدَنِّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>