للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إذَا انْتَفَى هَذَا الِاعْتِقَادُ بِأَنْ كَانَ مَنْ أَتَى بِشَيْءٍ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْبِرِّ وَمَنْ لَا فَلَا عَتَبَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ إحْسَانٌ لِلْمَعَارِفِ أَوْ الْأَصْدِقَاءِ أَوْ الْأَقَارِبِ وَهُوَ سُنَّةٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

(وَسُئِلَ) ذَكَرَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ

عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ الْعَالِمَ وَالْمُتَعَلِّمَ إذَا مَرَّا عَلَى قَرْيَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ الْعَذَابَ عَنْ مَقْبَرَةِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» هَلْ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ وَهَلْ رَوَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وُجُودًا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْجَامِعَةِ الْمَبْسُوطَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا ثُمَّ رَأَيْت الْكَمَالَ بْنَ أَبِي شَرِيفٍ صَاحِبَ الْإِسْعَادِ قَالَ إنَّ الْحَدِيثَ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْته.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ الْعَزَاءِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ بِبِلَادِ الْيَمَنِ قَدْ يَفْعَلُهُ أَجْنَبِيٌّ وَيَطْلُبُ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَقَدْ يَفْعَلُهُ وَارِثٌ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَمَا حُكْمُهُ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ جَعْلُ الطَّعَامِ لِلْمُعَزِّينَ إنْ حَمَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَنِيَاحَةٍ حَرُمَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ جَازَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَاقِينَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصِيٍّ جَعْلُهُ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِفِعْلِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ وَإِلَّا نَفَذَتْ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُهُ الْوَصِيُّ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ لَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ إذَا تَابَ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ فَإِنَّ فِي تَحَتُّمِ قَتْلِهِ خِلَافًا وَالْأَصَحُّ تَحَتُّمُهُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِقَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مُجَرَّدَ التَّرْكِ بَلْ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يُصِرَّ لَا نَقُولُ سَقَطَ الْحَدُّ بَلْ لَمْ نَتَحَقَّقْ مُوجِبُهُ وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَجْعُولَ سَبَبًا قَدْ تَحَقَّقَ فَإِذَا وُجِدَتْ التَّوْبَةُ ثَارَ الْخِلَافُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا هَلْ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا حَتَّى فِي الدُّنْيَا أَوْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْآخِرَةِ وَمَنْ زَعَمَ تَحَتُّمَ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ هَلْ يُقْتَلُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ.

[كِتَابِ الزَّكَاةِ]

ِ (وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ وَنَفَعَ بِعُلُومِهِ عَنْ فَقِيهٍ يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ لِأَجْلِ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَيُعْطُونَهُ نِصْفَ الزَّكَاةِ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ النِّصْفِ وَهَلْ لَهُ النَّقْلُ إلَى بَلَدِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَنَّ الْفَقِيهَ الْمَذْكُورَ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَةُ جَازَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ مَا كَانَ أَخَذَهُ إلَى بَلَدِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِنْ هُوَ مُقِيمٌ فِي بَلَدِ الزَّكَاةِ عِنْدَ وُجُوبِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِ الزَّكَاةِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَلَا أَخْذُهَا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّةُ الدَّافِعِ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَ بِعُلُومِهِ هَلْ قَوْلُهُمْ فِي الْمُعَجَّلِ عَنْ الزَّكَاةِ هُوَ كَبَاقٍ فِي نِصَابِهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَجَّلُ لَكِنْ قَالُوا لَوْ اشْتَرَيْت الْمُعَجَّلَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ أَوْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً لَمْ تَلْزَمْهُ أُخْرَى لِأَنَّ النِّصَابِ لَمْ يَتِمَّ فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُعَجَّلُ مِنْ الزَّكَاةِ إذَا وُجِدْت شُرُوطُ الْإِجْزَاءِ وَقْتَ الْوُجُوبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا أَنَّ نَقْصَ نِصَابِهِ بِتَلَفِهِ (كَبَاقٍ) بِمِلْكِ الْمَالِكِ لَا حَقِيقَةَ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُسْتَحِقِّ فِيهِ بَلْ (فِي نِصَابِهِ) تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ فَيُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ إذْ التَّعْجِيلُ إنَّمَا كَانَ رِفْقًا بِالْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِحَقِّهِ وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ فِي نِصَابِهِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ مِنْ النِّصَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُشْتَرًى أَوْ مَعْلُوفًا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَلَيْسَ كَالْبَاقِي إذْ لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَإِنْ جَازَ إخْرَاجُهُ عَنْ الزَّكَاةِ.

فَعَلِمَ بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا أَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ فَجَاءَ الْحَوْلُ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>