للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَوْدُ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْبَقَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا كَذَلِكَ فِي التَّشَهُّد وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ عَمَّا إذَا حَضَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إمَامٌ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الَّذِي صَلَّى أَوْ لَا أَنْ يَؤُمّهُمْ كَذَلِكَ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَهَلْ هَذَا الِاسْتِحْبَابُ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ اللَّذَيْنِ صَلَّيَا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا أَنَّ الْمَنْقُول الْمَنْصُوص عَلَيْهِ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْإِعَادَة لَا تَجُوزُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي نَدْبِهَا مَرَّةً بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ سَوَاءٌ أَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَمْ لَا. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى هُوَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَة أَمْ لَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَة الْأُولَى إمَامًا وَمَأْمُومًا فَقَطْ سُنَّ لَهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِمَا إعَادَتُهَا ثَانِيًا وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى هُوَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَة لَكِنْ تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَة فِي الْمُعَادَة فِي وَقْتِ الْكَرَاهَة.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا وَقَدْ حَرَّرْت ذَلِكَ مَعَ فَوَائِدَ نَفِيسَةٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَاصِلُ بَعْضِهَا وَتُسَنُّ الْإِعَادَة وَلَوْ فِي صُبْحٍ أَوْ عَصْرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبَهَا إيمَاءً فِي الصُّبْحِ وَصَرِيحًا فِي الْعَصْرِ وَتُسَنُّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ إمَامُ الْأُولَى أَكْمَلَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبَهَا مَعَ كَوْنِهِ الْإِمَامَ فِي الْأُولَى وَلَا نَظَرَ لِوَقْتِ الْكَرَاهَة؛ لِأَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ لَهَا سَبَبٌ وَهُوَ حِيَازَةُ الْجَمَاعَة لِمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَرَجَاءُ حِيَازَةِ فَضِيلَةٍ أُخْرَى لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً وَقَضِيَّته أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ الْإِعَادَة إذَا لَمْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِ الْمُعَادَة فَإِنْ كُرِهَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَجُزْ الْإِعَادَة خَلْفَهُ لِعَدَمِ الْفَضِيلَة حِينَئِذٍ سَوَاءٌ كَانَ مُبْتَدِعًا أَمْ فَاسِقًا أَمْ غَيْرَهُمَا إذْ كُلُّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَة يَمْنَعُ فَضِيلَتَهَا.

وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّ مَحَلَّ سَنِّ الْإِعَادَة مَعَ جَمَاعَةٍ إذَا كَانُوا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ تُكْرَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَة فِيهِ ثَانِيًا وَمَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إذَا اعْتَقَدَ الْمُنْفَرِدُ إبَاحَتَهَا أَوْ نَدْبَهَا وَإِلَّا امْتَنَعَتْ لِانْتِفَاءِ الْفَرْضِيَّةِ. إذْ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُخَالِف مَكْرُوهَةٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَة وَيَلْزَمُ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَعَادَهَا إمَامًا لِأُخْرَى وَقْتَ الْكَرَاهَة نِيَّةُ الْإِمَامَة؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُجَوِّزَ لِلْإِعَادَةِ حِينَئِذٍ حَوْزُ الْفَضِيلَة وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامَة فَمَعَ عَدَمِهَا يَكُونُ نَفْلًا لَا سَبَبَ لَهُ بَلْ لَا يُبْعِدُ وُجُوبَ نِيَّةِ الْإِمَامَة مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِعَادَة فِي هَذِهِ حَوْزُ الْفَضِيلَة وَهُوَ مُنْتَفٍ حَيْثُ انْتَفَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَة أَمَّا لَوْ أَعَادَ مَعَ مُنْفَرِدٍ أَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ أَعَادَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَلَا يَلْزَمُ نِيَّةُ الْإِمَامَة فِيهِمَا؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الثَّوَابِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي الْأُولَى وَحُصُولُ صُورَةِ الْجَمَاعَة فِي الثَّانِيَة مَطْلُوبٌ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ سَبَبًا مُخْرِجًا لِصَلَاتِهِ الْمُعَادَة عَنْ كَوْنِهَا نَفْلًا لَا سَبَبَ لَهُ أَوْ لَا مُقْتَضَى لِإِعَادَتِهَا ثُمَّ رَأَيْت الْجَلَالَ الْبُلْقِينِيُّ.

قَالَ لَوْ دَخَلَ إلَى مَحَلٍّ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ أَوْ الْعَصْرَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ إمَامًا وَيُصَلِّيَ مَعَهُ مَنْ حَضَرَ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْنِفٌ لِصَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَة بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَأْمُومًا اهـ. وَيَتَعَيَّن حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَة لِمَا قَدَّمْته وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِجَمَاعَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَة لَمْ يُسْتَحَبّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُعِيدًا مُنْفَرِدًا بِلَا سَبَبٍ وَالْأَذْرَعِيُّ سَبَقَهُ لِذَلِكَ بِزِيَادَةٍ فَقَالَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا مَعَ جَمَاعَةٍ تُقَامُ وَيَكُونُ هَذَا إمَامَهُمْ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ بِهِ الْإِعَادَة عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا أَنْ يَنْوِي الْإِمَامَة إذْ لَا تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَة مُنْفَرِدًا بِلَا سَبَبٍ يَقْتَضِيهَا اهـ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَة مُطْلَقًا وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَة وَمَشَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْيَمَنِيِّينَ اهـ. حَاصِلُ مَا أَرَدْت نَقْلَهُ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِمَزِيدِ الْفَائِدَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ شُرُوطِ الْإِمَامَة وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ بَابٌ نَافِذٌ مَفْتُوحٌ عُلْوِيٌّ يَمْنَعُ الْمُرُورَ أَوْ كَانَ بِهِ شُبَّاكٌ يُغْلَقُ عُلْوِيٌّ أَوْ سُفْلِيٌّ يَمْنَعُ الْمُرُورَ أَيْضًا أَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ سُفْلِيٌّ مَفْتُوحٌ لَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ وَلَا الرُّؤْيَةَ ثُمَّ جُعِلَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ دُونَ الْمُرُورِ أَوْ رُدَّ بَعْضُهُ أَوْ سُتِرَ بَعْضُهُ بِالثَّوْبِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ فَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَةُ الْمَأْمُوم بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ خَلْفَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إذَا كَانَ يُعْلَمُ حَالُ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ أَنَّ الْخَوْخَةَ كَالشِّبَاكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>