للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خُرُوجِهِ يَسَعُ أَقَلَّ مُجْزِئٍ مِنْ وَاجِبِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَمَنٌ كَذَلِكَ فَهُوَ السَّلَسُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَفِي التَّنْبِيهِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ حَدَثِ السَّلَسِ الَّذِي يُصِيبُ غَيْرَ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ بَدَنٍ، أَوْ ثَوْبٍ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ سَوَاءٌ أَخَرَجَ قَبْلَ الطَّهَارَةِ أَمْ بَعْدَهَا قَالَا بَلْ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ السَّلَسِ وَكَثِيرِهِ وَفَارَقَ وُجُوبَ تَجْدِيدِ الْعِصَابَةِ بِأَنَّهَا لَا مَالِيَّةَ لَهَا لِاِتِّخَاذِهَا غَالِبًا مِنْ الْخِرَقِ الْبَالِيَةِ فَلَا مَشَقَّةَ فِي تَجْدِيدِهَا بِخِلَافِ غَسْلِ الثَّوْبِ كُلَّ سَاعَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهُ وَيُبْلِيه وَهُوَ بَحْثٌ لَائِقٌ بِالرُّخْصَةِ.

وَأَمَّا مَنْ يَمْضِي لَهُ زَمَنٌ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَحَرَّى ذَلِكَ الْوَقْتَ لِيُوقِعَ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ فِيهِ وَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ يُصِيبُهُ نَعَمْ لِمَالِكٍ قَوْلٌ مَشْهُورٌ يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ وَالْعَمَلُ بِهِ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ هَذَا الْقَوْلِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَلْتَزِمَ أَحْكَامَ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِلَّا جَاءَ تَلْفِيقُ التَّقْلِيدِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ بَلْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الدَّمِ الَّذِي عِنْدَ الطَّلْقِ وَعِنْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ تَارَةً يَتَّصِلُ بِدَمٍ قَبْلَهُ يَبْلُغُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَتَارَةً يَنْقَطِعُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ، أَوْ بِتَمَامِهِ وَتَارَةَ يَسْتَمِرُّ، فَفِي أَيِّ حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَفِي أَيِّ حَالٍ يَكُونُ دَمَ فَسَادٍ؟ حَرِّرُوا لَنَا ذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَمُنَازَعَةٌ نَشَأَتْ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَعِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَنَحْوِهِمَا.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَا خَرَجَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِدَمٍ مَحْكُومٍ بِأَنَّهُ حَيْضٌ عِنْدَ أَوَّلِ الطَّلْقِ إلَى تَمَامِ خُرُوجِ الْوَلَدِ دَمُ فَسَادٍ وَمَا اتَّصَلَ بِحَيْضٍ يَسْتَمِرُّ حُكْمُ الْحَيْضِ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ نِفَاسًا وَعِبَارَةُ شَرْحِي لِلْعُبَابِ وَالدَّمُ وَالْخَارِجُ مَعَ الْوَلَدِ، أَوْ حَالَ الطَّلْقِ دَمُ فَسَادٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ وَلِأَنَّ انْزِعَاجَ الْبَدَنِ بِالطَّلْقِ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَا لِلْجِبِلَّةِ وَلَا نِفَاسَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ نَعَمْ الْمُتَّصِلُ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ حَيْضٌ انْتَهَتْ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ يَقْضِي عَلَى الْمُطْلَقِ وَتَعَيَّنَ حَمْلُ إطْلَاقِهِ عَلَى أَحَدِ ذَيْنِك الشِّقَّيْنِ فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نِفَاسًا وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ اتِّصَالِهِ بِدَمِ الْحَيْضِ يُصَيِّرُهُ حَيْضًا وَبِدَمِ النِّفَاسِ لَا يُصَيِّرهُ نِفَاسًا.

قُلْت فَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ جَعْلِ الْمُتَأَخِّرِ تَابِعًا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَهُ عَنْهُ مُقْتَضٍ لِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ دُونَ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ إذْ تَبَعِيَّتُهُ يَأْبَاهَا تَقَدُّمُهُ فَجُعِلَ غَيْرَ تَابِعٍ لِلنِّفَاسِ وَتَابِعًا لِلْحَيْضِ. وَأَيْضًا فَفَاصِلُ النِّفَاسِ عَمَّا قَبْلَهُ مَحْسُوسٌ يُدْرِكُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَهُوَ تَمَامُ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّبَعِيَّةُ مَعَهُ بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّ ابْتِدَاءَ الطَّلْقِ خَفِيٌّ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْمَرْأَةُ فَلَمْ يَكُنْ فَاصِلًا حَقِيقِيًّا بَيْنَ مَا خَرَجَ عِنْدَهُ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الْحَيْضِ قَبْلَهُ فَحَكَمْنَا عَلَى الْكُلِّ بِأَنَّهُ حَيْضٌ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالدَّمِ الْخَارِجِ بَعْدَ خُرُوجِ عُضْوٍ مِنْ وَلَدٍ مُجْتَنٍّ دُونَ بَاقِيه فَإِنَّهُ حَيْضٌ بِشَرْطِهِ؟ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ وُجِدَ صَارِفٌ عَنْ كَوْنِهِ دَمَ جِبِلَّةً وَهُوَ وُجُودُ الطَّلْقِ وَالْوِلَادَةِ فَكَانَ دَمَ فَسَادٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا إذْ لَا طَلْقَ هُنَا وَلَا وِلَادَةَ وَمَا يُقَارِنُ خُرُوجَ الْعُضْوِ مِنْ الْوَجَعِ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ خَفِيفٌ. فَلَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُنَاطَ بِهِ خُرُوجُ الْجِبِلَّةِ عَنْ قَضِيَّتِهَا.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ امْرَأَةٍ عَادَتُهَا تَحِيضُ الْخَمْسَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الشَّهْرِ فَرَأَتْ الدَّمَ فِي شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ فِي الْعِشْرِينَ الْأُولَى مِنْهُ ثُمَّ انْقَطَعَ وَلَمْ يَعُدْ هَلْ تَحِيضُ وَمَا تَحِيضُ تَحِيضُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا رَأَتْهُ بَعْدَ طُهْرٍ صَحِيحٍ حُكِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ بِشَرْطِهِ سَوَاءٌ أَبَلَغَ خَمْسًا أَمْ لَا وَهَذَا وَاضِحٌ وَلَعَلَّ فِي السُّؤَالِ خَلَلًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي الْعِشْرِينَ الْأُولَى فَإِنَّ هَذَا بِظَاهِرِهِ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

[بَابُ الْمَوَاقِيتِ]

(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

(بَابُ الْمَوَاقِيتِ)

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ أَخَّرَ الْمَرِيضُ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ قَبْلَ أَدَاءِ الظُّهْرِ فَهَلْ يَكُونُ ظُهْرُهُ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً

(فَأَجَابَ) : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ الْجَمْعَ بِالْمَرَضِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِنَا، وَاخْتَارَ جَمْعٌ جَوَازَهُ وَعَلَيْهِ فَإِذَا زَالَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ فِعْلِ الَّتِي خَرَجَ وَقْتُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>