للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ لَا تَتَخَرَّمُ غَالِبًا وَإِذَا عَدِمَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ بِاعْتِرَافِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَعْدَمْهَا جَازَ لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ مَا اعْتَرَفَ لَهُ أَوَّلًا بِمَا ذَكَرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لَا يُطَالَبُ أَحَد مِنْهُمْ أَيْ: الْأُمَنَاء كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَارِضِ وَالْمُرْتَهِنِ بِإِقَامَةِ حِسَابٍ بَلْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ جِنَايَةً فَالْقَوْل قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْوَصِيِّ وَالْهَرَوِيُّ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَرْجِعُ إلَى رَأْي الْقَاضِي بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ مِنْ

الْمَصْلَحَةِ

. اهـ. وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الرِّبْحِ وَمِقْدَارِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْمَصَارِيفِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ كَمَا قَدَّمْته.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ مِائَةً لِآخَرَ يُسَافِرُ بَرًّا أَوْ بَحْرًا بِشَرْطِ أَنَّهُ إذَا عَادَ بِالسَّلَامَةِ يُسَلِّمُ إلَيْهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَوَاءٌ رَبِحَ فِي تِلْكَ الْمِائَةِ أَضْعَافًا أَوْ خَسِرَ خُسْرَانًا بَيِّنًا وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَالُ لَا يَصِيرُ الْقَابِضُ ضَامِنًا كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَة أَهْلِ الْهِنْدِ وَيَتَعَامَلُونَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَالْمَسْئُولُ بَيَانُ حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْجَوَازِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ فَهَلْ حُكْمُ ذَلِكَ كَحُكْمِ الرِّبَا أَوْ الْقِرَاضِ أَوْضِحُوهُ لَنَا إيضَاحًا وَافِيًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ بَاطِلٌ وَمُبْطِلٌ لِعَقْدِ الْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ بِهِ مُحَرَّمٌ شَدِيدُ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْل أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا الشَّرْطِ مَالًا فَهُوَ عَاصٍ آثِمٌ فَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالرُّجُوعُ إلَى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنْ قُلْت فَمَا حُكْمُ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَامِلُ بِهَذَا الشَّرْطِ قُلْت هُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ فَيَدُ الْعَامِلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ طَمِعَ الْعَامِلُ فِي زِيَادَةِ رِبْحٍ لَهُ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ مَنْ عَمِلَ غَيْرَ طَامِعٍ فِي شَيْءٍ لَا شَيْءَ لَهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ لَوْ طَلَبَ الرَّصَدِيُّ نَقْدًا وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْقِرَاض أَوْ تَعَسَّرَ إحْضَارُهُ أَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ أَنْ لَا يُبَاعَ لِذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَأَعْطَاهُ مِنْ مَالِهِ وَأَشْهَدَ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ كَنَظَائِرِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ وَنَحْوِهِمْ حَيْثُ جَازَ لَهُمْ الدَّفْعُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ ذُكِرَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِي هَرَبَ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ وَالْجَمَّالِ وَنَحْوِهِمَا قَاضٍ بِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ مِنْ عَامِلِ الْقِرَاضِ أَوْ نَحْوِهِ مَا يُحْسَبُ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيّ وَالْمِكَاس وَتَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ وَزْنُهُ مِنْ الْمَالِ فَأَعْطَاهُ الْعَامِلُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَوْ مَعَ إشْهَادِهِ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ لِيَرْجِعَ أَوْ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ لِفَقْدِ الْقَاضِي أَوْ تَعَسُّرِهِ لِكَوْنِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ الْآن رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ لِتَبَرُّعِهِ، وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم.

[بَابُ الْإِقْرَارِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ أَقَرَّ لِأَوْلَادِهِ بِمَالٍ وَفِيهِمْ حَيٌّ وَمَيِّتٌ فَهَلْ يَدْخُلُ الْمَيِّتُ فِي الْإِقْرَارِ وَيَكُونُ لِوَارِثِهِ كَمَا لَوْ خَصَّهُ بِالْإِقْرَارِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ الْأَوْلَادِ يَدْخُلُ فِيهِمْ وَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ لَوْ قَالَ لِهَذَا الْمَيِّتِ عَلَيَّ كَذَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ جَوَازُ الْإِقْرَارِ بِتَقْدِيرِ كَانَ لَهُ عَلَيَّ اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ تَقْدِيرِ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَنَّ تَخْصِيصَهُ بِالْإِقْرَارِ لَهُ لَيْسَ هُوَ مُلَخَّصُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهُ وَإِنَّمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ كَوْنَهُ مَيِّتًا لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُ تَصَوُّرُ الْمِلْكِ لَهُ حِينَ الْإِقْرَارِ يُمْكِنُ تَصَوُّرُهُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَوْتُ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ.

وَإِذَا اتَّضَحَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَصِحَّةِ الْإِقْرَارِ اتَّضَحَ الْعَمَلُ بِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيَّ لِأَوْلَادِي كَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَخْصِيصَ لِأَحَدِهِمْ فَدَخَلُوا كُلُّهُمْ أَحْيَاؤُهُمْ وَأَمْوَاتُهُمْ لِاسْتِوَاءِ وَصْفِ الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ قُلْت يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ بِالْمَالِ وَانْفَصَلَ حَيٌّ وَمَيِّتٌ اسْتَحَقَّ الْحَيُّ جَمِيعَ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ وَكَانَ الْمَيِّتُ كَالْمَعْدُومِ قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>