لِلْقَفَّالِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَلِلنَّوَوِيِّ فِي حَالَةِ إرَادَةِ غَيْرِ الْفُرْقَةِ وَقَدْ عُلِمَ ضَعْفُ كَلَامِ الْقَفَّالِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ
وَكَذَا كَلَامُ الْخُوَارِزْمِيِّ وَقَدْ يُقَالُ بَيَّنَ الْخُوَارِزْمِيُّ أَنَّ مُرَادَ الْقَفَّالِ بِالْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِي الْقَائِلَ بِالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ فِي أَنْتِ أُخْتِي مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي نَحْوِ أَنْتِ بِنْتِي بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِلْحَاقَ أَوْ الْمُلَاطَفَةَ أَوْ الِاسْتِهْزَاءَ، وَكَذَا أُخُوَّةُ الدِّينِ فِي أَنْتِ أُخْتِي وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ كَمَا مَرَّ أَنَّا وَلَوْ قُلْنَا بِهَذَا الْوَجْهِ الصَّائِرِ إلَى الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ لَا يُرَدُّ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى مَنْ أَفْتَى فِي السَّابِقَةِ بِالْحِلِّ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ الَّذِي أَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثَهُ السَّابِقَ فَتَأَمَّلْ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَبِهِ يَتَّضِحُ الْحَقُّ وَفَّقَنَا اللَّهُ لِسُلُوكِ سَبِيلِهِ وَحَمَانَا مِنْ الشَّيْطَانِ وَتَسْوِيلِهِ وَخَلَّصَنَا مِنْ شَوَائِبِ الْبَقَاءِ مَعَ الْحُظُوظِ وَالنُّفُوسِ وَأَزَالَ عَنْ نُفُوسِنَا كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَبُغْضٍ وَبُؤْسٍ إنَّهُ الرَّحِيمُ الرَّحْمَنُ الْكَرِيمُ الْمَنَّانُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ مُؤَلِّفُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ نُجِزَ فِي دُونِ يَوْمَيْنِ سُلِخَ ذِي الْقَعْدَةِ الْحَرَامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ تَقَبَّلَهُ اللَّهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَمَّا إذَا مَاتَ الْمُسَاقِي الْعَامِلُ وَكَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَيْنِيَّةً وَقَالُوا انْفَسَخَتْ كَالْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ مَا يَصِيرُ لِلْعَامِلِ وَرُبَّمَا أَثْمَرَ النَّخْلُ وَرُبَّمَا لَمْ يُثْمِرْ مَا الْحُكْمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؟
(فَأَجَابَ) إذَا مَاتَ الْعَامِلُ وَقُلْنَا بِانْفِسَاخِ الْمُسَاقَاةِ وَجَبَ لَهُ مِنْ الثَّمَرِ الَّذِي ظَهَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي فَتَاوِيهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَامَلَ رَجُلًا عَلَى أَرْضٍ لِيَزْرَعَهَا وَيَقُومَ عَلَى شَجَرِهَا بِجُزْءٍ مِنْهَا فَعَطَّلَ أَكْثَرَ الْأَرْضِ وَبَوَّرَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا عَطَّلَهُ مِنْهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى التَّاجُ الْفَزَارِيّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَسَلَّمَ الْأَرْضَ مِنْ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَطَّلَهُ مِنْهَا وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ يَدَ الْعَامِلِ لَيْسَتْ يَدَ ضَمَانٍ حَتَّى يَضْمَنَ بِالتَّفْوِيتِ.
(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَمَّا إذَا مَاتَ الْمُسَاقِي الْعَامِلُ وَالْمُسَاقَاةُ عَيْنِيَّةٌ وَقَالُوا انْفَسَخَتْ كَالْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ مَا يَصِيرُ لِلْعَامِلِ مِمَّا أَثْمَرَ النَّخْلُ وَمِمَّا لَمْ يُثْمِرْ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ الْوَاقِعِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَا تَتَوَزَّعُ الثَّمَرَةُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ جَمِيعِ الْعَمَلِ حَتَّى يَجِبَ لَهُ مِنْهَا حِصَّةٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْعَقْدُ التَّوْزِيعَ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْت ذَكَرُوا أَنَّ الْمُسَاقَاةَ مَتَى وَقَعَتْ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ مَلَكَهَا بِالظُّهُورِ فَكَيْفَ لَا تُورَثُ عَنْهُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا قُلْت مِلْكُهُ لَهَا بِالظُّهُورِ لَيْسَ مِلْكًا نَاجِزًا بَلْ هُوَ مِلْكٌ مُرَاعًى فَإِنْ تَمَّ الْعَمَلُ بَانَ أَنَّهُ مَلَكَهَا بِالظُّهُورِ وَإِلَّا فَلَا.
[بَابُ الْإِجَارَةِ]
(سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ امْرَأَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا مَثَلًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ وَلَدِهَا وَشَرَطَتْ النَّظَرَ لَهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا مَثَلًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا لِمَنْ عَيَّنَتْهُ مَثَلًا ثُمَّ إنَّهَا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ الْوَقْفُ عَلَى يَدِ حَنَفِيٍّ أَجَّرَتْهُ مِائَةَ سَنَةٍ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى يَدِ شَافِعِيٍّ فَوَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا فَأَفْتَى الشَّافِعِيُّ بِانْفِسَاخِهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَهَلْ هَذَا الْإِفْتَاءُ صَحِيحٌ أَوْ لَا أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ لَا عَدِمَكُمْ الْمُسْلِمُونَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِفْتَاءَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ لَكِنْ بِقَيْدِهِ الْآتِي.
وَقَدْ أَفْتَى بِمَا يُوَافِقُهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا سَقَى اللَّهُ عَهْدَهُ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى شَخْصٍ، ثُمَّ أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ النَّظَرَ لَهُ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ لِمَنْ يَنْتَهِي لَهُ الْوَقْفُ مِمَّنْ ذَكَرَ، ثُمَّ أَجَّرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ اهـ.
وَكَذَلِكَ الْكَمَالُ الرَّدَّادُ شَارِحُ الْإِرْشَادِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ ضَيْعَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالنَّظَرِ