أَوْ يَا أُمِّي أَوْ جَدَّتِي نُظِرَ إنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْحُرْمَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ كَمَا يَقُولُ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةَ النَّسَبِ فَلَوْ قَالَ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ لَهَا بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ أَوْ الِاسْتِهْزَاءِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ يَا أُخْتِي مَثَلًا ثُمَّ قَالَ عَنَيْت مِنْ جِهَةِ الدِّينِ يُقْبَلُ. اهـ.
كَلَامُ التَّوَسُّطِ وَذَكَرَ كَلَامَ الْخُوَارِزْمِيِّ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ آخِرَ الطَّلَاقِ، وَبَيَانُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِأُمُورٍ: أَوَّلِهَا: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا قَيَّدَهُ بِمَا إذَا قَصَدَ الزَّوْجُ الِاسْتِلْحَاقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ بِالنِّيَّةِ قَصْدَ الِاسْتِلْحَاقِ حَيْثُ يُمْكِنُ كَوْنُهَا مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا إلَخْ فَرَتَّبَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفُرْقَةِ عَلَى مَا فَرَضَهُ مِنْ قَصْدِ الِاسْتِلْحَاقِ بِقَوْلِهِ يَا بِنْتِي وَجَعَلَ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ مُتَوَقِّفًا عَلَى ذَلِكَ الْقَصْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَعْرِفَةَ قَصْدِ ذَلِكَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى وُقُوعِ فُرْقَةٍ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي الْمُقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِلْحَاقًا وَإِنَّمَا قَصَدَ الْكَذِبَ حَتَّى تَتِمَّ لَهُ الْحِيلَةُ الَّتِي قَصَدَهَا وَقَرَائِنُ أَحْوَالِهِ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِتَصْدِيقِهِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِلْحَاقًا وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ فَلَا فُرْقَةَ وَهَذَا عَلَى مِنْوَالِ مَا قَدَّمْتُهُ عَنْهُ فِي أَنْتِ بِنْتِي كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ
فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يُعْتَمَدُ كَلَامُهُ هَذَا قُلْتُ قَدْ قَدَّمْت لَك أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي الْقَائِلُ بِالْحُرْمَةِ الْمَعْقُودُ لَهُ الْبَابُ الثَّانِي كَمَا مَرَّ وَالْقَوْلُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ مَعَ قَصْدِهِ الِاسْتِلْحَاقَ وَكَذِبُهُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا فَتَعَيَّنَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي قَدَّمْته أَوَّلَ الْبَابِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يَلْتَبِسُ. ثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ نِيَّةَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا إشْعَارَ لَهُ بِذَلِكَ. اهـ. يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِيهِ وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ وَمِمَّا يَرُدُّهُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ مِنْ إفَادَةِ الْفُرْقَةِ بِقَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ قَصْدُ الِاسْتِلْحَاقِ وَمَرَّ أَنَّ الْفُرْقَةَ فُرْقَةُ طَلَاقٍ فِي وَجْهٍ وَفَسْخٌ فِي وَجْهٍ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إشْعَارٌ بِهِ أَيَّ إشْعَارٍ. ثَالِثهَا سِيَاقُهُ لِكَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ قَصَدَ بِهِ التَّأْيِيدَ لِمَا بَحَثَهُ هُوَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ الِاسْتِلْحَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ جَعَلَ يَا بِنْتِي يَا أُمِّي يَا جَدَّتِي يَا أُخْتِي إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ فِيهَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ وَإِنْ عُرِفَ نَسَبُهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْكَرَامَةَ أَوْ الِاسْتِهْزَاءَ أَوْ أُخُوَّةَ الدِّينِ فَإِنْ قُلْت قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ أَحَالَ فِي بَابِ الْعِتْقِ بَيَانَ مَا إذَا قَصَدَ الْمُلَاطَفَةَ أَوْ الْفِرَاقَ لَا حَقِيقَةَ الْبُنُوَّةِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ذَلِكَ قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَفِيهِ قَصْدُ الِاسْتِلْحَاقِ أَمَّا هَذَا فَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ لَهُ صَرِيحًا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ أَعْنِي قَصْدَ الْمُلَاطَفَةِ فَقَدْ ذَكَرَهُ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي
وَأَمَّا قَصْدُ الْفِرَاقِ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَنَظَرَ فِيهِ وَرَدَدْتُ عَلَيْهِ نَظَرَهُ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ قُلْت عِبَارَةُ فَتَاوَى الْقَفَّالِ الْآتِي ذِكْرُهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ أُخْتِي صَرِيحٌ فِي تَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ وَبِهَا يَتَأَيَّدُ مَا مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحُرْمَةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ قُلْت هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا لَوْ كَانَ رَأْيُ الْقَفَّالِ مُعْتَمَدًا أَمَّا حَيْثُ ضَعَّفَ النَّوَوِيُّ رَأْيَهُ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتِمُّ التَّمَسُّكُ بِكَلَامِهِ فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ تَضْعِيفِ النَّوَوِيِّ لِمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي النِّدَاءِ تَضْعِيفُهُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي أَنْتِ أُمِّي أَنْتِ أُخْتِي لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ إذْ النِّدَاءُ يَقَعُ عَلَى جِهَةِ التَّلَطُّفِ وَنَحْوِهِ كَثِيرًا بِخِلَافِ أَنْتِ بِنْتِي أَوْ أُمِّي وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي اعْتِرَاضِ النَّوَوِيِّ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ فِي النِّدَاءِ وَتَقْرِيرِهِ لِلْإِمَامِ فِي أَنْتِ بِنْتِي عَلَى إفَادَته الْفُرْقَةَ كَمَا مَرَّ قُلْتُ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنْتِ أُمِّي أَنْتِ أُخْتِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ أُخْتِي؛ لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِيهِ لِأُخُوَّةِ الدِّينِ وَغَيْرِهَا أَظْهَرُ مِنْهُ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْقَفَّالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْوَجْهِ الصَّائِرِ إلَى أَنَّ أُخْتِي يُوجِبُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ فَإِنْ قُلْتَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ أَنَّ بِنْتِي وَأُمِّي وَجَدَّتِي وَأُخْتِي فِي النِّدَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا قُلْتُ نَعَمْ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ فَهُوَ مُوَافِقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute