للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَبَيَّنَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مَا لَمْ يَمْلِكْ فَإِنَّهُ وَارِثُ هِبَةِ اللَّهِ أَمْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لِلْوَلِيِّ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْره شِرَاء عَقَارٍ مَا لَمْ تَنْتَفِ الْمُصْلِحَةُ عَنْهُ كَإِشْرَافِهِ عَلَى الْخَرَابِ وَبَيْعِهِ لِحَاجَةٍ كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ إنْ لَمْ تَفِ غَلَّتُهُ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ فِي الْقَرْضِ مَصْلَحَةً وَلِغِبْطَةٍ كَأَنْ طَلَبَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَوَجَدَ مِثْلَهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَبَا أَوْ جَدًّا وَرَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي سَجَّلَ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يُكَلِّفُهُ إثْبَاتَ حَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ فَإِنَّهُ لَا يُسَجَّلُ عَلَى بَيْعِهِمَا إلَّا أَنْ أَثْبَتَا الْحَاجَةَ أَوْ الْمَصْلَحَةَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَقَامَهُ وَأَمَّا.

مَسْأَلَةُ الدَّارِ فَإِنْ قَالَ مَالِكُهَا أَوْ نَحْوه بِعْتُكَ دَارِي وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا كَهَذِهِ الدَّارِ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ غَلِطَ فِي حُدُودِهَا أَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَإِنْ قَالَ بِعْتُكَ الدَّارَ الَّتِي فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ وَحُدُودِهَا وَغَلِطَ فِي حُدُودِهَا لَمْ يَصِحَّ هَذَا حُكْمُ بَيْعِهَا وَأَمَّا حُكْمُ الدَّعْوَى بِهَا وَالشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمٍ خَاصٍّ بِهَا كَدَارِ النَّدْوَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِذَكَرِ شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهَا وَإِلَّا فَإِنْ عُلِمَتْ بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ إلَّا بِالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ وَجَبَ ذِكْرُهَا وَمَتَى ذَكَرَ الشَّاهِدُ الْحُدُودَ وَأَخْطَأَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْقَيِّمِ لَا يَكْفِي فِي الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِمَا عِنْد الْحَاكِمِ وَإِلَّا كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا وَقَوْلُ الْمُوَرِّقِ فِيمَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ قَادِحٌ فِي صِحَّةِ شَهَادَتِهِ وَفِي صِحَّة الْبَيْعِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قَرَّرْته وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الرِّبَا]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ مَعَهُ حَبٌّ وَجَاءَهُ بَعْضُ أَهْلِ بَلَدِهِ يَبْغِي شِرَاءَ ذَلِكَ الْحَبِّ فَأَسَّسَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْحَبِّ الْمُشْتَرَى عَلَى قَاعِدَةٍ عِنْدِهِمْ يَعْنِي أَنَّهُمْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ الْعِشْرِينَ مُدًّا بِثَلَاثِينَ مُدًّا مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْحَبِّ قَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ: أَسْلِمْ لِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ بِثَلَاثِينَ مُدَّ حَبٍّ فَأَسْلَمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَى الَّذِي يَبْغِي شِرَاءَ الْحَبِّ وَشَرَى بِهَا ذَلِكَ الْحَبَّ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُ فَهَلْ هَذِهِ الْحِيلَةُ تُخَلِّصُ صَاحِبَ الْحَبِّ بَعْدَ أَنْ أَسَّسَ قَبِلَ أَنَّ الْعِشْرِينَ بِثَلَاثِينَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحِيلَةَ الْمُخَلِّصَةَ مِنْ الرِّبَا جَائِزَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ رِعَايَةً لِخِلَافِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَرَّمُوهَا وَقَالُوا إنَّهَا لَا تُفِيدُ التَّخْلِيصَ مِنْ الرِّبَا وَإِثْمِهِ فَإِذَا كَانَ شَخْصٌ شَافِعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْهَا لِيَتَخَلَّصَ بِهِ مِنْ الرِّبَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الَّذِي مَعَهُ لِمَنْ جَاءَ يَشْتَرِي مِنْهُ أَسْلَمْتُ إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا صِفَتُهَا كَذَا وَيَذْكُرُ جَمِيعَ صِفَاتِهَا الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَيُعْطِيهِ فِي الْمَجْلِسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ يَهَبُهُ ذَلِكَ الْحَبَّ الَّذِي مَعَهُ وَيَنْذُرُ مُرِيدُ الشِّرَاءِ لِصَاحِبِ الْحَبِّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا فِي ذِمَّتِهِ وَصَاحِبِ الْحَبِّ دِرْهَمًا فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا فِي ذِمَّتِهِ وَصَاحِبُ الْحَبِّ يَهَبُهُ مَا مَعَهُ أَوْ يَنْذُرُ لَهُ بِهِ أَوْ يَشْتَرِي مَا مَعَهُ مِنْ الْحَبِّ بِدِرْهَمٍ وَيُسَلِّمُ صَاحِبَ الْحَبِّ دِرْهَمًا فِي ثَلَاثِينَ صَاعًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْحِيَلِ الصَّحِيحَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي وَرْطَةِ الرِّبَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) فِيمَنْ مَعَهُ سَمْنٌ فَيَأْتِيه بَعْضُ النَّاسِ فَيَقُولُ لَا أَبِيعُ هَذَا السَّمْنَ إلَّا الرِّبْعِيَّةَ إلَى الصَّيْفِ مَثَلًا وَقْتًا مَجْهُولًا وَفِي عُرْفِهِمْ عِنْدَ حَصَادِ زَرْعِ الصَّيْفِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ذَلِكَ السَّمْنِ فَقَالَ: بَلْ أَسْلِمْ ثَوْبَكَ أَوْ خَاتَمَكَ فِي حَبٍّ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَفَعَلَ الْبَائِعُ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ وَتَنَحَّى عَنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِ السَّمْنِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ: بِعْت مِنِّي هَذِهِ الرِّبْعِيَّةَ السَّمْنَ بِهَذَا الثَّوْبِ أَوْ الْخَاتَمِ فَبَاعَهُ فَهَلْ يَحِلُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَا وَهَلْ الْخَلَاصُ مِمَّنْ فِي أَيْدِيهِمْ نَقْدَانِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي مَكَّةَ وَهِيَ الْكِبَارُ وَأَرَادَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ الْآخَرِ فَتَعَاقَدَا بِزَائِدِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، مِقْدَارُ الْغِشِّ فِي الْعَشَرَةِ وَاحِدٌ فَمَا الطَّرِيقُ الْمُخَلِّصَةُ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحِيلَةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ مُخَلِّصَةٌ مِنْ الرِّبَا لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَسَائِرِ الْحِيَلِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>