للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّحَلُّلِ الْأَوَّل وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُبَالِ بِقَوْلِ شَيْخِهِ الْأَذْرَعِيِّ يُنْدَبُ حَلْقُهُ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيّ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِحْرَامِ بَاقٍ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيّ وَغَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَوْ سَعْيٌ انْتَهَتْ وَيُؤَيِّدُ مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَنَّ مَبْنَى أَفْعَالِ الْحَجِّ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ عَنْ الْغَيْرِ وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ تَحْرِيمَ الْبِنَاءِ فِيهِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَهَذَا فِيهِ بِنَاءٌ فَكَانَ حَرَامًا بِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ إذْ الْمَسْأَلَةُ إذَا دَخَلَتْ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَانَتْ مَنْقُولَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْبَيْعِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي شَخْصٍ بَاعَ جَمَلًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْمِلَ مَثَلًا سِتِّينَ صَاعًا فَهَلْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ كَبَيْعِ الْأَمَةِ بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ وَالْعَبْدِ بِشَرْطِ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ كَبَيْعِ الشَّاةِ بِشَرْطِ أَنْ تَحْلُبَ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا رِطْلَيْنِ لَبَنًا وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ فَعَجَزَ الْجَمَلُ عَنْ حَمْلِ ذَلِكَ فَهَلْ لَلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَهَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ الرَّدِّ حَمْلُهُ لَهَا ابْتِدَاءً أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ لَهَا فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ مَقْصُودٍ مُنْضَبِطٍ فِيهِ مَالِيَّةٌ لِاخْتِلَافِ الْقَيِّمِ بِوُجُودِهِ وَعَدَمِهِ يَصِحُّ شَرْطُهُ فِي الْبَيْعِ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بِفَوَاتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَ الدَّابَّةِ تُطِيقُ حَمْلَ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ وَصْفٌ مَقْصُودٌ مُنْضَبِطٌ فِيهِ مَالِيَّةٌ فَيَصِحُّ شَرْطُهُ وَفَارِقُ اشْتِرَاطِ حَلْبِهَا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُنْضَبِطٍ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ.

فَإِنْ قُلْت هَلْ يَشْتَرِطُ فِي الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ هُنَا أَنْ لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ فَلَا يَصِحُّ بِشَرْطِ حَمْلِهَا لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُؤَدِّي لِذَلِكَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي السَّلَمِ قُلْتُ الْقِيَاسُ غَيْرُ بَعِيدٍ إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنهمَا أَقْرَبُ وَهُوَ أَنَّ السَّلَمَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَوْ جَوَّزْنَا فِيهِ اشْتِرَاطَ مَا يُؤَدِّي لِعِزَّةِ الْوُجُودِ لَكُنَّا مُضَيِّقِينَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ طُرُق التَّحْصِيلِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَنَازُعِ الْمُتَعَاقِدِينَ فِيمَا لَا غَايَةَ لَهُ وَإِلَى الْخُرُوجِ عَنْ مَوْضُوعِ السَّلَمِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ هُنَا فَإِنَّهُ وَارِدٌ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِذَا اُشْتُرِطَ فِيهَا وَصَفٌّ مُنْضَبِطٌ مَقْصُودٌ صَحَّ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤَدِّي لِعِزَّةِ الْوُجُودِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ هُنَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِوَجْهٍ لِأَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ إنْ وُجِدَ فِيهَا ذَلِكَ الْوَصْفُ مَعَ نُدْرِهِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا تَخَيَّرَ ثُمَّ رَأَيْتَ ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ هُنَا عَقِبَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ قَدْ يُتَخَيَّلُ فَرْقٌ بَيْنَ الْبَيْعِ النَّاجِزِ وَالسَّلَمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قُلْتُ وَبِهَذَا قَطَعَ بَعْضُهُمْ فِي الْبَيْعِ أَيْ بَيْعِ الشَّاةِ بِشَرْطِ أَنَّهَا لَبُونٌ بِالصِّحَّةِ وَحَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ.

وَعِبَارَةُ الْمَرْعَشِيِّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ شَرْطٌ يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ سَلَمًا وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ مُسَلَّمًا فَقَوْلَانِ اهـ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا فَرَّقْتُ بِهِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُؤَدِّي لِعِزَّةِ الْوُجُودِ فَإِنْ قُلْتَ قَضِيَّةَ مَا تُقَرِّرُ صِحَّةَ بَيْعِهَا بِشَرْطِ أَنَّهَا تَحْلُبُ رِطْلَيْنِ قُلْتُ وَبِهِ نَقُولُ لِأَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ كُلَّ يَوْمٍ فَقَدْ أَزَالَ مَا بِهِ عَدَمُ الِانْضِبَاطِ وَيَلْزَمُ مِنْ إزَالَتِهِ الصِّحَّةُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مَلْحَظَ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا قَالَ كُلَّ يَوْمٍ إلَّا عَدَمَ الِانْضِبَاطِ ثُمَّ إذَا عَلِمَ صِحَّةَ اشْتِرَاطِ طَاقَتِهَا لِحَمْلِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ ثُمَّ إنَّ طَاقَتَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّكَ أَقْرَرْتَ أَنَّ مَا عَادَ لِي عِنْدَك شَيْءٌ أَوْ أَنَّكَ صَالَحْتَنِي عَلَى كَذَا أَوْ أَنَّكَ بِعْتَنِي ذَا بِكَذَا أَوْ أَنَّكَ أَقْرَرْتَ أَنَّ لِي عِنْدَكَ كَذَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعْتُكَ مُكْرَهًا أَوْ صَالَحْتُكَ مُكْرَهًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِي السُّؤَالِ وَأَقَامَ عَلَى الْإِكْرَاهِ بَيِّنَةً فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكِّمِ أَنْ يَسْتَفْصِلَ الشُّهُودَ عَلَى الْإِكْرَاهِ وَهَلْ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يُبَيِّنُوا لَهُ الْإِكْرَاهَ أَمْ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا عَلَى الْحَاكِمِ وَلَا عَلَى الْمُحَكِّمِ أَنْ يَفْصِلُوا حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَعْرِفُ حَدَّ الْإِكْرَاهِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْرِفُ حَدَّ الْإِكْرَاهِ بَيَّنُوا لَنَا ذَلِكَ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا قَالَ الشُّهُودُ نَشْهَدُ إنَّهُ بَاعَ مُكْرَهًا هَلْ يَلْزَمُهُمْ التَّعَرُّضُ لِصِفَةِ الْإِكْرَاهِ الَّتِي عَلَيْهَا حَالَةُ الْبَيْعِ الْجَوَابُ أَنَّ الرَّأْيَ لِلْقَاضِي فِيهِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>