الْقِيَامَةِ صَاحِبَ الشَّاهِ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَلْعَبُ بِهَا أَيْ الشِّطْرَنْجِ إلَّا جَبَّارٌ وَالْجَبَّارُ فِي النَّارِ لَا يُوَقَّرُ فِيهِ الْكَبِيرُ وَلَا يُرْحَمُ فِيهِ الصَّغِيرُ» وَقَوْلُهُ «مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» «مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَدْ قَارَفَ شِرْكًا وَمَنْ يُشْرِكُ بِاَللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ» وَقَوْلُهُ «الشِّطْرَنْجُ مَلْعُونَةٌ مَلْعُونُ مَنْ لَعِبَ بِهَا» وَقَوْلُهُ «النَّاظِرُ إلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ كَالْغَامِسِ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ» وَمِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْكُوبَةُ أَلَمْ أَنْهِ عَنْهَا لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَلْعَبُ بِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِهَا» وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَفَرٌ مِنْ أُمَّتِي لَا يُكَلِّمهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ الْمَانِعُونَ الزَّكَاةَ. وَالنَّائِمُونَ عَنْ الْعَتَمَاتِ وَالْمُتَلَذَّذُونَ بِالْقَهَوَاتِ وَاللَّاعِبُونَ بِالسَّامَاتِ وَالضَّارِبُونَ بِالْكُوبَاتِ» الْحَدِيثَ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُغْفَرُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لِكُلِّ مُتَكَبِّرٍ إلَّا صَاحِبَ الشَّاهِ» يَعْنِي الشِّطْرَنْجَ وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي ذَمِّ لَاعِبِهَا كَثِيرَةٌ بَيَّنْتُهَا مَعَ سَنَدِهَا وَسَنَدِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَمَا قَالَهُ النَّاسُ فِيهَا فِي كِتَابِي الْمَذْكُورِ.
ثُمَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُؤَيِّدَةٌ لِقَوْلِ كَثِيرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِحُرْمَةِ الشِّطْرَنْجِ مُطْلَقًا وَحَمَلَهَا أَئِمَّتُنَا عَلَى مَا إذَا اقْتَرَنَ بِلِعْبِهَا نَحْوُ قِمَارٍ أَوْ إخْرَاجِ صَلَاةٍ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ شَتْمٍ أَوْ إيذَاءٍ وَأَمَّا إذَا خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ عِنْده شَعْرَةٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا قِيلَ وَاسْتَمَرَّتْ عِنْده يَزُورَهَا النَّاسُ فِي بَيْتِهِ فَتُوُفِّيَ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ أَحَدُهُمَا يُسَمَّى مُحَمَّدًا وَالثَّانِي يُسَمَّى عُمَرَ فَاسْتَمَرَّتْ فِي مَحَلِّهَا فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَزُورَهَا وَكَانَ مُحَمَّدٌ حَاضِرًا فَتَحَ الصُّنْدُوقَ عَنْهَا وَزَوَّرَهُمْ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَتَحَ أَخُوهُ عُمَرُ وَزَوَّرَهُمْ فَتَوَلَّعَ مُحَمَّدٌ بِالْإِقَامَةِ فِي الْحِجَازِ وَمَكَثَ قَلِيلًا عِنْد سَيِّدِنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ وَاسْتَمَرَّتْ فِي مَحَلِّهَا كُلُّ مَنْ رَامَ زِيَارَتهَا فَأَخُوهُ عُمَرُ يُزَوِّرُهُ.
وَإِنْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ أَوْ كَانَ الزَّائِرُ نِسَاءً فَإِحْدَى بَنَاتِهِ تَفْتَحُ وَتُزَوِّرهُمْ فَتُوَفِّيَ مُحَمَّدٌ وَخَلَّفَ وَلَدًا ذَكَرًا وَاسْتَمَرَّتْ تَحْتَ يَدِ عَمِّهِ عُمَرَ فِي مَحَلِّهَا وَكُلُّ مَنْ رَامَ زِيَارَتَهَا يُزَوِّرهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ فَإِحْدَى بَنَاتِهِ تَفْتَحُ وَتُزَوِّرهُ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْفُتُوحِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُقْسَمُ بَيْنَ ابْنِهِ وَأَخِيهِ عُمَرَ فَتُوُفِّيَ عُمَرُ أَيْضًا عَنْ بَنَاتٍ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِالشَّعْرَةِ وَخِدْمَتِهَا وَلَدُ مُحَمَّدٍ أَوْ يَكُونُ هُوَ وَبَنَاتُ عَمِّهِ فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْخِدْمَةِ سَوَاءٌ وَهَلْ إذَا طَلَبُوا قِسْمَتَهَا لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْضُ جُدُودِهِمْ وَقَسَمُوهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ هَذِهِ الشَّعْرَةُ الشَّرِيفَةُ لَا تُوَرَّثُ وَلَا تُمَلَّكُ وَلَا تَقْبُلُ قِسْمَةً فَالْمَذْكُورُونَ مُسْتَوُونَ فِي الِاخْتِصَاصِ بِهَا وَالْخِدْمَةِ لَهَا لَا تَمْيِيزَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى أَحَدٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَاب الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى أَنِّي أَسْتَحِقُّ الشِّرْبَ مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ لِأَرْضِي وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى أَمْ لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَذْكُرَ قَدْرَ الشِّرْبِ وَإِذَا ادَّعَى أَنِّي أَمُرُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَوْ أَنِّي سَقَيْتُ مِنْ الْبِئْرِ فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى أَوْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الِاسْتِحْقَاقِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الشِّرْبِ مِنْ بِئْرِ كَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا بَيَانُ قَدْرِ الشِّرْبِ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْأَرْضَ إذَا اسْتَحَقَّتْ شِرْبًا مِنْ أَرْضٍ لَا تُضْبَطُ إلَّا بِالْكِفَايَةِ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَنِ وَالْمَزْرُوعُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَبِقِلَّةِ مَاءِ الْبِئْرِ وَكَثْرَتِهَا فَاقْتَضَتْ الضَّرُورَةُ سَمَاعَ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ قَدْرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي اسْتَثْنَوْهَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالدَّعْوَى بَلْ مَسْأَلَتُنَا أَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ كَمَا يُعْرَف بِتَأَمُّلِهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ وَمِمَّا يُغْتَفَرُ فِيهِ الْجَهْلُ بِالدَّعْوَى دَعْوَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا أَوْ حَقَّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ فُلَانٍ وَحْدَهُ وَلَمْ يَنْحَصِرْ حَقُّهُ فِي جِهَةٍ مِنْهُ فَإِنْ انْحَصَرَ وَجَبَ بَيَانُ حَقِّهِ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ إطْلَاقُ الثَّقَفِيِّ الْوُجُوبَ وَعَلَى الْأَوَّلِ حُمِلَ إطْلَاقُ الْهَرَوِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute