للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَتْرٍ وَأَذَانٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ، وَيَنْوِيَانِ بِأَنَّ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مَعَ ذِكْرِ الْفَرِيضَةِ فِي الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْوَجْهِ، وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَيَنْبَغِي ضَمُّهَا لِلْأَوَّلِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا وَيُعِيدَانِ التَّعْصِيبَ وَالْوُضُوءَ لِكُلِّ فَرْضٍ وَيَتْبَعُهُ كُلُّ نَفْلٍ فِي وَقْتِهِ لَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي النِّفَاسِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

ِ النِّفَاسِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) هُوَ دَمُ الْوِلَادَةِ، وَأَقَلُّهُ مَجَّةٌ، وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: (وَفِي أَوَّلِ وَقْتِهِ أَوْجُهٌ: الْأَوَّلُ: مِنْ عِنْدِ الطَّلْقِ، وَالثَّانِي: عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَالثَّالِثُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ، وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا أَنَّ مَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَيَّامًا دُونَ أَقَلِّ الطُّهْرِ ثُمَّ رَأَتْهُ، فَابْتِدَاؤُهَا يُحْسَبُ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ لَا مِنْ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا وَجْهٌ رَابِعٌ) اهـ. وَهَذَا لَفْظُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي أَوَّلِ النِّفَاسِ عَلَى سَقَمٍ فِي نُسْخَتِهِ: وَأَقَرَّهُ ثُمَّ قَالَ فِي أَثْنَاءِ النِّفَاسِ: لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَيَّامًا ثُمَّ رَأَتْهُ، فَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ النِّفَاسِ مِنْ رُؤْيَتِهِ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ؟ وَجْهَانِ: حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، أَصَحُّهُمَا: مِنْ رُؤْيَتِهِ وَكَذَا صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ مِنْ رُؤْيَتِهِ، وَقَدْ يُوهِمُ تَنَاقُضٌ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا وَكَلَامِ الرَّوْضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا، بَلْ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّهُ مِنْ الْوِلَادَةِ، أَيْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ السِّتِّينَ، وَأَنَّ النِّفَاسَ الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَهَا فَإِنْ تَأَخَّرَ فَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ النَّقَاءِ طُهْرٌ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ: أَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ لَا مِنْ الْوِلَادَةِ، أَيْ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَرْأَةِ أَحْكَامُهُ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الدَّمِ، وَلَهَا قَبْلَهُ حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ كَمَا قُلْنَا: أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمُرَادُنَا بِالْأَوَّلِ قَدْرُ زَمَنِ الدَّمِ، وَإِنْ تَفَرَّقَ وَبِالثَّانِي مُطْلَقُ الزَّمَنِ حَتَّى يَكُونَ مَا بَعْدَهُ غَيْرَ حَيْضٍ وَإِنْ لَمْ تَرَ قَبْلَهُ إلَّا قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مُفَرَّقًا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يَرَى تَلْفِيقَ الدِّمَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ، وَيَكُونُ مَا بَيْنَهُمَا طُهْرًا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ هُنَا حِكَايَتَهُ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ عَنْ الْإِمَامِ: أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِأَيَّامٍ فَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْهُ وَضَعَّفَهُ، وَكَذَا أَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ وَصَحَّحَ أَنَّ النِّفَاسَ مِنْ الدَّمِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَفْسِيرِهِ بِالدَّمِ. فَالْمَقْصُودُ بِتَصْحِيحِهِ كَوْنُهُ مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مُقَابِلًا لِلْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ أَنَّهُ مِنْ الطَّلْقِ، أَوْ مُقَارِنُ الْوِلَادَةِ لَا كَوْنُهَا نِفَاسًا بَعْدَهَا، وَإِنْ لَمْ تَرَ الدَّمَ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَلْ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِهِمَا اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّهَا طَاهِرَةٌ مَا لَمْ تَرَهُ إلَّا عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَ دَمَ الطَّلْقِ أَوْ مُقَارِنَ الْوِلَادَةِ إنْ كَانَ وُجِدَا، فَإِنَّ النِّفَاسَ عِنْدَهُ يَسْتَمِرُّ مِنْ حِينَئِذٍ أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا فَإِنَّمَا النِّفَاسُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَابْتِدَاءِ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الدَّمُ عَنْهَا حَتَّى يَجِيءَ فَمَا تَرَى بَعْدَ السِّتِّينَ مِنْهَا حُكْمُ مَا جَاوَزَ الْأَكْثَرِ كَمَا سَيَأْتِي إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي حَكَاهُ الْإِمَامُ: ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ لَا مِنْ الْوِلَادَةِ اهـ. فَلْنُفَرِّعْ عَلَى ذَلِكَ فَنَقُولُ: مَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا فَلَا نِفَاسَ لَهَا أَصْلًا، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ فَلَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا رَأَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَمْ يُجَاوِزْ سِتِّينَ - فَهُوَ نِفَاسٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ، وَكَذَلِكَ مَا تَخَلَّلَهُ مِنْ نَقَاءٍ عَلَى الْأَظْهَرِ فَإِنْ جَاوَزَ الدَّمَ السِّتِّينَ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالٍ بِهَا بِأَنْ رَأَتْ النَّقَاءَ بَعْدَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ ظَهَرَ الدَّمُ - فَهُوَ حَيْضٌ إنْ كَانَ بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى مَا سَبَقَ، وَكَذَا إنْ كَانَ رَأَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ بَيَانُهُ أَوَّلَ الْحَيْضِ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِآخِرِ السِّتِّينَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ حُكْمُهَا كَهِيَ فِي الْحَيْضِ، وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهَا تَكُونُ مُمَيِّزَةً وَغَيْرُهَا مُبْتَدِئَةً أَوْ مُعْتَادَةً. الْأُولَى: الْمُبْتَدِئَةُ الْمُمَيِّزَةُ بِأَنْ تَرَى قَوِيًّا وَضَعِيفًا، فَالْقَوِيُّ هُوَ النِّفَاسُ إنْ كَانَ لَمْ يُجَاوِزْ السِّتِّينَ، وَإِلَّا فَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، وَالضَّعِيفُ طُهْرٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ نَعَمْ إنْ كَانَ سَبَقَ الدَّمَيْنِ نَقَاءٌ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَكْثَرَ، فَالْقَوِيُّ حَيْضٌ كَمَا سَبَقَ فَلَوْ رَأَتْ عَقِبَ الْوِلَادَةِ دَمًا أَحْمَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ نَقَاءً دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ دَمًا أَحْمَرَ يُتِمُّهَا ثُمَّ أَسْوَدَ دُونَ السِّتِّينَ مِنْ الْوِلَادَةِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ أَحْمَرَ أَوْ أَشْقَرَ، فَقِيَاسُ كَوْنِ الضَّعِيفِ طُهْرًا أَنْ يَكُونَ الْأَسْوَدُ حَيْضًا لِتَقَدُّمِ مُدَّةِ الطُّهْرِ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّمَانِ الْأَوَّلَانِ نِفَاسًا لِوُجُودِ الْوِلَادَةِ وَصَلَاحِيَّتهمَا لَهُ، وَانْقِلَابُ الدَّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>