للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَبُول فَاشْتَرَطَ لِوُقُوعِ الطَّلَاق عَلَى الْمُعْتَمَد الْقَبُولَ دُون حُصُولِ الْأَلْفِ وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ فَلَا بَيْنُونَةَ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِعِوَضٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

[بَابُ الطَّلَاقِ]

(وَسُئِلَ) مَا قَوْلُكُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْكُمْ - وَنَفَعَ بِعُلُومِكُمْ فِي جَوَابِكُمْ السَّابِقِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِكْرَاهِ مِنْ التَّفْصِيلِ إلَى آخِرِ جَوَابِكُمْ فَمَا حَدُّ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّا رَأَيْنَا لِلْأَئِمَّةِ كَلَامًا لَمْ نَفْهَمْ الرَّاجِحَ مِنْهُ فَاكْتُبُوا لَنَا مَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَكُمْ مِنْ الْإِكْرَاهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حَدَّ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُهَدِّدَ قَادِرٌ عَلَيْهِ بِعِقَابٍ عَاجِلٍ لِأَجَلِهِ يُؤْثِرُ الْعَاقِلُ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُحَقِّقُ مَا هَدَّدَ بِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْ يَعْجِزَ عَنْ الدَّفْعِ بِنَحْوِ هَرَبٍ أَوْ مُقَاوَمَةٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُ الْعَاجِلِ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا وَخَرَجَ بِهِ الْآجِل نَحْوَ لَأَضْرِبَنَّك غَدًا فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ أَوْ فِعْلٍ دُون آخَر وَمِمَّا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ دُون الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ التَّخْوِيفُ بِنَحْوِ حَبْسٍ طَوِيلٍ أَوْ صَفْعٍ عِنْد النَّاسِ أَوْ تَسْوِيدِ وَجْهٍ أَوْ طَوَافٍ فِي سُوقٍ لِذِي مُرُوءَةٍ أَوْ إتْلَافِ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ أَوْ مَالٍ يَضِيقُ عَلَى الْمُكْرَهِ.

وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ قَالَ فِي بَعْضِ تَفْصِيلِهِ نَظَرٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَمِنْ ثَمَّ صَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ مَا حَكَى عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ عِنْد الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِمَحْذُورٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ وَتَخْتَلِفُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَا قَبْلَهَا نَعَمْ الْأَوْجَهُ مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ أَيْضًا وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِنَحْوِ طَلِّقْ زَوْجَتَك مَثَلًا وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي أَوْ قَتَلْتُك قِصَاصًا وَلَوْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّك لَا تُخْبِرُ بِنَا فَحَلَفَ لَهُمْ بِذَلِكَ ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِمْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ بِخِلَافِ مَنْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ وَقَدْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ مَحِلِّهِ فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ خُيِّرَ بَيْنه وَبَيْن الدَّلَالَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ أَوْ بَاعَ أَوْ تَصَرَّفَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا فَإِنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ كَحَبْسٍ أَوْ تَرْسِيمٍ أَوْ كَوْنِهِ فِي دَارِ ظَالِمٍ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَتْ تَصَرُّفَاتُهُ الْوَاقِعَةُ مَعَ قِيَامِ تِلْكَ الْقَرِينَةِ عَمَلًا بِهَا وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّ هُنَاكَ قَرِينَةً لَمْ يُصَدَّقْ نَعَمْ لَهُ طَلَبُ يَمِينِ مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ مُكْرَهًا بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ وَبَطَلَ تَصَرُّفُهُ أَيْضًا وَالْمَسْأَلَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي السُّؤَالِ سَتَأْتِي أَوَائِلَ الدَّعَاوَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إلَّا خَرَجْت مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنَّهُ غَابَ عَنْهَا مُدَّةً وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَالْحَالُ أَنَّهَا خَرَجَتْ قَبْل بُلُوغِ الْإِذْنِ لَهَا فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاق لِصِدْقِ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ لَا لِخُرُوجِهَا بَعْد الْإِذْنِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَم بِوُقُوعِ الْإِذْنِ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِ إذْن وَلَمْ يُوجَدْ وَأَمَّا عَمَلُهَا بِالْإِذْنِ فَلَيْسَ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ لَا لَفْظًا وَلَا عُرْفًا فَلَمْ يُشْتَرَطْ وُجُودُهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَيْهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا طَرَحَ اللَّهُ لَك عَلَى تَمَامِ طَلَاقِي نَاوِيَةً الْإِبْرَاء فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ هَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَمْ وَاحِدَةً أَمْ تُسْتَفْسَرُ عَنْ مُرَادِهَا بِقَوْلِهَا تَمَام فَإِنْ أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا تَمَام ثَلَاثًا أَوْ دُونه نَزَلَ كَلَامُهَا عَلَيْهِ وَإِنْ أَطْلَقَتْ أَوْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ إلَّا أَصْلَ الطَّلَاقِ لَا عَدَدًا نَزَل عَلَى مَا نَوَاهُ أَوْ صَرَّحَ بِهِ وَهَلْ يُسْتَفْسَرُ الزَّوْجُ أَوْ يُنْزَلُ عَلَى جَوَابِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الِابْتِدَاءَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ إبْرَائِهَا فَإِنْ صَحَّ إبْرَاؤُهَا بِأَنْ وَجَدَتْ فِيهِ شُرُوطَ الْبَرَاءَةِ الصَّحِيحَةِ وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>