للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَنْوِ شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ وَلَا أَثَرَ لِنِيَّتِهَا الثَّلَاثَ حَتَّى تَطْلُقَ مِنْهُ حِينَئِذٍ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ نِيَّتُهَا لَهُنَّ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْبَرَاءَةِ إذَا لَمْ يُوجِدْهُنَّ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَبْرَأَتْ بِشَرْطٍ وَهُوَ الثَّلَاثُ فَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الشَّرْطُ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاء.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا نَوَتْ الثَّلَاثَ فَإِنْ نَوَاهَا هُوَ أَيْضًا بَرِئَ وَوَقَعَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ وَاحِدَةً فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ إبْرَائِهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ إبْرَاءَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَد شَرْطه وَهُوَ الثَّلَاث وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ ابْتِدَاءً وَلَا أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاء لِأَنَّ لَفْظَهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْإِبْرَاء وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا نَوَى الِابْتِدَاء وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَبْرَأُ.

فَعُلِمَ أَنَّ نِيَّتَهَا لِلثَّلَاثِ لَا تُوجِبُ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا إذَا لَمْ يَنْوِهِنَّ هُوَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهَا وَهُوَ الْبَرَاءَةُ وَمَا يَتْبَعُهَا كَاشْتِرَاطِهَا كَوْنَهَا فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْبَرَاءَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ الثَّلَاثُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَيْهِ هُوَ لَا إلَيْهَا فَإِنْ نَوَاهُنَّ وَقَعْنَ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَتْ كَمَنْ قَالَ لِآخَرَ طَلَّقْت امْرَأَتَك حَتَّى يَأْتِيَ هُنَا التَّفْصِيلُ ثُمَّ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنهمَا لِأَنَّ السُّؤَالَ هُنَا مَعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَنَظَرَ لِحَالِ السَّائِل وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتنَا فَلَيْسَ فِيهَا سُؤَالٌ وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا مُعَاوَضَةٌ فَإِنْ صَحَّتْ تَرَتَّبَ حُكْمُهَا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا فَلِذَلِكَ لَمْ يُنْظَرْ لِنِيَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَرَّ.

(وَسُئِلَ) مَا حُكْمُ طَلَاقِ الدَّوْر وَكَيْف صِيغَةُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْد مَنْ يُصَحِّحُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ طَلَاقَ الدَّوْرِ وَاقِعٌ وَلَا يَمْنَعُهُ الدَّوْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْقَوْلُ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ بَالَغَ الْأَئِمَّةُ فِي رَدِّهِ وَتَزْيِيفِهِ بَلْ بَالَغَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشَّنَاعَةِ عَلَيْهِ وَقَالَ إنَّهُ يُشْبِهُ مَذْهَبَ النَّصَارَى فِي انْسِدَادِ بَابِ الطَّلَاقِ وَكَفَاك فِي الْمُبَالَغَةِ فِي بُطْلَانِهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالزَّرْكَشِيُّ فَإِنَّهُمْ بَالَغُوا فِي ذَلِكَ وَفِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَقْلِيدُ الْقَائِلِ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى كَيْفِيَّةِ مَنْعِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْد مَنْ يُصَحِّحُهُ لِأَنَّا نَرَى فَسَادَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَعَدَمَ جَوَازِ تَقْلِيدِهَا فَكَيْف نُفَرِّعُ عَلَيْهَا.

(وَسُئِلَ) فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالٍ بِالتَّرْخِيمِ مَا الرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الطَّلَاقُ أَوْ عَدَمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمْت بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنِّي قُلْت فِيهِ أَيْ مِمَّنْ عَرَفَهُ أَيْ التَّرْخِيمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ شَرْطَ تَأْثِيرِ الصَّرِيح أَنْ يَصْدُرَ مِمَّنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ فَطَالٍ بِالتَّرْخِيمِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ مِمَّنْ عَرَفَ أَنَّ أَصْلَهُ طَالِقٌ وَإِنَّمَا حُذِفَ آخِرُهُ تَرْخِيمًا تَخْفِيفًا فِي اللَّفْظِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ أَبْرِئِينِي فَأَبْرَأَتْهُ فَقَالَ لَهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَسَمَّاهَا بِاسْمِهَا وَاسْمِ وَالِدِهَا تَحْرُم عَلَيَّ تَحِلُّ لِغَيْرِي فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةُ وَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هَذَا كِنَايَةٌ فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَتْ وَاحِدَةً وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فَسَأَلَهَا الْبَرَاءَةَ مِنْ صَدَاقِهَا لِيُطَلِّقَهَا فَتُبْرِئُهُ فَيَقُولُ مَثَلًا أَبْرِئِينِي فَأُطَلِّقُك فَتَقُولُ أَبْرَأْتُك أَوْ أَبْرَأَكِ اللَّهُ مُنَجَّزَةً مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ يَقُولُ أَنْتِ طَالِقٌ بِلَفْظِ التَّنْجِيزِ وَإِذَا سُئِلَ هَلْ طَلَّقْت أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا ظَانًّا أَنَّهَا طَلُقَتْ وَأَنَّ ذِمَّتَهُ خَلَصَتْ مِنْ الصَّدَاقِ وَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْرِفُ صَدَاقِي قَالَ فَإِنَّ لَمْ أُطَلِّقْ إلَّا طَمَعًا فِي الْبَرَاءَةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَعْلَمْ قَدْرَ صَدَاقِي حِينَئِذٍ تُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى الزَّوْجِ فَقَالَ الزَّوْجُ إذَا لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنِّي مَا طَلَّقْتهَا إلَّا طَمَعًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِي فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلِأَنَّ الْإِمَامَ وَلِيَّ الدِّينِ الْعِرَاقِيّ ذَكَرَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ مَنْ نَجَّزَ تَصَرُّفًا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فِيمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثَلَاثًا أَنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ فَمَا الصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ هَلْ هَذِهِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ أَمْ لَا؟

فَقَدْ أَجَابَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا مَا هَذَا نَصُّهُ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ نَاصِرٍ فَقَالَ اخْتَلَفَتْ أَنْظَارُ النَّاسِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَى جَمَاعَةٌ فِيهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَأَطْلَقَهُ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>