بِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ حُكْمه مِنْ الضَّمَانِ فَقَطْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ أَمْ لَا فَتَمَحَّضَ الْإِبْرَاءُ فِيهِ إلَى أَنَّهُ أَبْرَأَ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَوُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ صِحَّتِهِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ تَضْمِينِ وَكِيلِ الْمَالِكِ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ الزَّكَاةِ هَلْ يَقُولُ ضَمِنْت مُوَكِّلَك أَوْ جَعَلْتُهُ ضَامِنًا الرُّطَبَ بِكَذَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ قَالُوا صِيغَتُهُ أَنْ يَقُولَ جَعَلْتُ مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك بِكَذَا أَمْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَا هُوَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ فِي الْجِعَالَةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُجَاعِلَ لِمُوَكِّلِهِ شَخْصًا هَلْ يَقُولُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَى فُلَانٍ كَذَا أَمْ لَا فَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَفْظُهُ إنَّ الْوَكِيلَ بِالْتِزَامِ الْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ كَوَكِيلِ الزَّوْجَةِ بِالْتِزَامِ عِوَضِ الْخُلْعِ فَلَهُ التَّصْرِيحُ بِإِضَافَةِ الْمَالُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَبِالْوِكَالَةِ مَعًا وَبِأَحَدِهِمَا فَقَطْ كَأَنْ يَقُولَ إنْ رَدَدْت عَبْدَ زَيْدٍ أَوْ حَجَجْت عَنْهُ فَلَكَ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا وَذَلِكَ بِوَكَالَتِهِ أَوْ وِصَايَته إلَيَّ وَلَا يَقُولُ فَعَلَيَّ كَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِقْلَالٌ بِالْتِزَامِ الْمَالِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ فَهَلْ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَا ذُكِرَ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَمَّا ضَمِنْت مُوَكِّلَك فَلِخُلُوِّهِ عَنْ الْخِطَابِ فَهُوَ كَبَعْثِ مُوَكِّلِك وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ انْتِظَامِ الصِّيغَةِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْوَكِيلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك فَكَذَا هُنَا لَا بُدَّ مِنْ ضَمِنْتُك لِمُوَكِّلِك وَأَمَّا جَعَلْته ضَامِنًا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيله حَتَّى يَجْعَلَهُ ضَامِنًا وَبِهَذَا فَارَقَ قَوْلَ وَكِيلِ الضَّمَانِ جَعَلْتُ مُوَكِّلِي ضَامِنًا وَكَيْفَ تُقَاسُ تِلْكَ عَلَى هَذِهِ فَتَعَيَّنَتْ الصِّيغَةُ الْأُولَى وَنَحْوِهَا وَمَا ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي وَكِيلِ الْجِعَالَةِ غَيْرُ بَعِيدٍ.
[بَاب الشَّرِكَةِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي مَالٍ بِالسَّوِيَّةِ وَعَقَدَا عَلَيْهِ عَقْدَ شَرِكَة وَتَسَلَّمَ الْمَالَ أَحَدهمَا وَتَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ لِصَاحِبِهِ وَتَبَرَّعَ الثَّانِي لِلْمُتَبَرِّعِ الْمَذْكُورِ بِمُؤْنَتِهِ مِنْ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَرِبْحِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا مَعْلُومًا فَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُتَبَرِّعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَهَلْ لِلْمُتَبَرِّعِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهَلْ لِلثَّانِي مُطَالَبَتُهُ بِالْمُؤْنَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ جَعَلَا الْمُؤْنَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ وَجَبَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلَاهَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَفِي الْحَالَيْنِ التَّبَرُّعُ بِالْمُؤْنَةِ غَيْر صَحِيحٍ فَلِلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَم.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سُؤَالًا صُورَتُهُ سُئِلَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ عَنْ كِتَابِ مُشْتَرَكٍ لِجَمَاعَةٍ وَفِيهِمْ مَحْجُور عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُطَالَعَةُ الْكِتَابِ بِإِذْنِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَجُوزُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا نُقِلَ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مُطَالَعَةُ الْكِتَابِ الْمُشْتَرَكِ بِشَرْطِ سَلَامَتِهِ وَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرَضَةِ وَالتُّرَابِ وَالْغُبَارِ وَخَوْفِ الْفَسَادِ وَلَا يَجُوزُ لِأَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْكِتَابِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
جَوَابُهُ فَهَلْ جَوَابُكُمْ كَذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ لِشَرِيكٍ وَلَا لِغَيْرِهِ الْمُطَالَعَةُ فِي الْمُشْتَرَكِ إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ الْكَامِلِينَ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ قَاصِرٌ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ فِي الْمُطَالَعَةِ فِيهِ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ فَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ كَشَرِيكٍ أَوْ وَدِيعٍ وَخَشِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ إنْ لَمْ يَتَعَهَّدْهُ بِالنَّفْضِ وَغَيْرِهِ لَزِمَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمُطَالَعَةُ فِيهِ لِأَجَلِ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا ذُكِرَ عَنْ هَذَا الْمُفْتِي وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ لُبْسُ نَحْوِ الصُّوف وَالْجُوخِ وَلَيْسَ كَمَا فَهِمَهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ الْعَتَّ فِي الثِّيَابِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا إنْ عَبِقَتْ فِيهِ رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ جَازَ اللُّبْسُ بَلْ وَجَبَ بِخِلَافِ الْأَرَضَةِ هُنَا فَإِنَّهَا تَنْدَفِعُ مِنْ الْكُتُبِ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيبِ وَالنَّفْضِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْمُطَالَعَةِ فَلَمْ تَجُزْ نَعَمْ إنْ فُرِضَ أَنَّهُ نَظَرَ فِيهَا حَالَ النَّفْضِ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لِأَجْلِ الْمُطَالَعَةِ لَمْ يَبْعُدْ الْقَوْلُ بِحِلِّ ذَلِكَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ اطَّرَدَتْ بِأَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا سَامَحُوا بَعْضَهُمْ بِسُكْنَى الْمُشْتَرَكِ سَامَحُوهُ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ أَرَادَ فِي الدُّخُولِ إلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْكُتُبِ إذْ كَثِيرًا مَا يَسْمَحُ الشَّخْصُ لِوَاحِدٍ وَيَضِنُّ بِهِ عَنْ أَشْخَاصٍ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ قَوْلُ الْفَتَاوَى عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute