أَوْ لَا كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالْإِرْشَادِ وَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَمَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يَحْكُمُ بِالتَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا، أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِمَا أَطَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِمَا لِإِثْمِهِمَا الْعَظِيمِ بِمُعَاشَرَتِهِ لَهَا كَالزَّوْجَةِ مَعَ عَدَمِ رَجْعَتِهِ لَهَا فَاسْتَحَقَّ أَنْ يُعَامَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَقِيضِ قَصْدِهِ مِنْ بَقَاءِ حُكْمِ الْعِدَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ بَقَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا ذَلِكَ كَالرَّجْعَةِ وَالْإِرْثِ لَوْ مَاتَ هُوَ، أَوْ هِيَ وَغَيْرُهُمَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ الظِّهَارِ]
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ وَبِعُلُومِهِ عَمَّنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا عَقِبَ الظِّهَارِ شِرَاءً لَا يَصِيرُ بِهِ عَائِدًا ثُمَّ فَسَخَ الشِّرَاءَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ فَهَلْ يَكُونُ عَائِدًا بِالْفَسْخِ أَمْ لَا بُدَّ بَعْدَهُ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ تُمْكِنُ فِيهِ الْفُرْقَةُ وَلَمْ يُفَارِقْ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ بَعْدَ الْفَسْخِ يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ سَوَاءٌ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَالْخِيَارُ لَهُ ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ بَقِيَ نِكَاحُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ الثَّابِتِ لَهُ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لَهُ وَحْدَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهَا بِالشِّرَاءِ آيِلَةٌ إلَى دَفْعِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْفَسْخِ وَتَكْلِيفُهُ إيقَاعَ طَلَاقٍ تُحْتَمَلُ صِحَّتُهُ بِتَقْدِيرِ الْفَسْخِ وَعَدَمُهَا بِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُضِيِّ ذَلِكَ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَطْعُ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ فَسْخُ الْبَيْعِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَرَّرْته، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ الْعِدَدِ]
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ امْرَأَةٍ شَكَّتْ فِي كَوْنِهَا حَامِلًا قَبْلَ الْفِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقُلْنَا إنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ إلَى أَشْهُرِ الْحَمْلِ فَمِنْ أَيْنَ ابْتِدَاؤُهَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ بِأَنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ بِالْأَشْهُرِ وَهِيَ مُرْتَابَةٌ بِالْحَمْلِ لِمَا تَجِدُهُ مِنْ نَحْوِ ثِقَلٍ، أَوْ حَرَكَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْكِحَهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، فَإِنْ نَكَحَتْ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا أَيْ: فِي الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ بَانَ عَدَمُ الْحَمْلِ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا، أَمَّا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ ارْتَابَتْ فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.
وَإِنَّمَا صَحَّ الْحُكْمُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ، أَوْ أَتَتْ بِهِ لَكِنَّهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ أَمَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ فَإِنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ الثَّانِي وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْأَوَّلِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ فِي امْرَأَةٍ شَكَّتْ. . . إلَخْ وَإِيضَاحُهُ أَنَّ شَكَّهَا فِي الْحَمْلِ قَبْلَ الْفِرَاقِ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى شَكِّهَا فِيهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهُ فَفِي الْحَالِ الثَّانِي يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَفِي الْحَالِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا حَتَّى يَزُولَ الشَّكُّ مَا لَمْ يَمْضِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ لَمْ يَلْحَقْ الْوَلَدُ الْمُطَلِّقَ فَلَا وَجْهَ لِتَرَبُّصِهَا حِينَئِذٍ بِلَا نِكَاحٍ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْعِدَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ انْقِضَاؤُهَا عَلَى انْفِصَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا مَا دَامَتْ شَاكَّةً لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ ذِي الْعِدَّةِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فَوَجَبَ التَّرَبُّصُ حَتَّى تَتَيَقَّنَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا مِنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ الْمُعْتَدَّةِ إذَا اعْتَدَّتْ فِي بَيْتِهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ وَفِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ بَيْتٌ آخَرُ فِي أَعْلَاهُ أَوْ فِي وَسَطِهِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ لَا يُفَارِقُهَا وَالدُّخُولُ إلَى الْبَيْتِ الْأَعْلَى مِنْ بَابِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ هَلْ يَجُوزَ لِصَاحِبِهَا أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا وَيَسْلَمُ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] فَإِنَّ الْبَيْتَ بَعِيدٌ عَنْ مَنْزِلِهَا بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْمَعُهَا إذَا تَكَلَّمَتْ أَيْ الْمُعْتَدَّةُ أَمْ لَا يَجُوزُ وَهَلْ إذَا أَوْفَتْ الْعِدَّةَ وَكَانَتْ الطَّلْقَةُ الْأُولَى لَهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute