للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْخَيْنِ صَرَّحَا بِخِلَافِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالُوهُ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ مِنْ أَنَّ الْإِقْرَارَ كَالرَّهْنِ وَلَا يُنَافِيه كَلَامُ الْقَفَّالِ الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّهُ نَبَّهَ بِالثَّلَاثَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَوْلَى مِنْهَا بِعَدَمِ الدُّخُولِ كَالشَّجَرِ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الْحَصْرُ فِيهَا كَانَ كَلَامُهُ ضَعِيفًا.

[بَابُ التَّحَالُفِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لِلْأَرْضِ فِي إدْخَالِ مَا لَا يَدْخُلُ وَإِخْرَاجِ مَا يَدْخُل فَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِدْخَالَ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَائِعُ الْإِخْرَاجَ فِي الثَّانِي وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَظَهَرَ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي مُقَدَّمَةٌ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ وَفِي الثَّانِيَة إنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِإِدْخَالِ مَا ذَكَرَ فَهُمَا سَوَاءٌ وَإِلَّا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ مُقَدَّمَةٌ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي إدْخَالِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ كَأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتَنِي الْعَبْدَ بِثِيَابِهِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ بِعْتُك الْعَبْدَ فَقَطْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلثِّيَابِ فَحِينَئِذٍ الِاخْتِلَافُ رَاجِعٌ إلَى قَدْرِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ حَاصِلَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَقُولُ الْمَبِيعُ الْعَبْدُ وَالثِّيَابُ وَحَاصِلُ دَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّهُ يَقُولُ الْمَبِيعُ الْعَبْدُ دُونَ الثِّيَابِ.

وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أَوْ أُطْلِقَتْ وَاحِدَةٌ وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى أَوْ لَمْ تُؤَرَّخْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا تَعَارَضَتَا وَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قُضِيَ بِمُقَدَّمَةِ التَّارِيخِ لَا يُقَالُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي نَاقِلَةٌ مِلْكَ الثِّيَابِ إلَيْهِ وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ مُسْتَصْحَبَةٌ مِلْكَهَا لِلْبَائِعِ فَكَانَ الْقِيَاسُ تَقْدِيمُ الْأَوْلَى مُطْلَقًا لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ وَقَعَ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ النَّاقِلِ فَكُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ يَنْقُلُ زَائِدًا عَلَى الْأُخْرَى لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ وَأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِ ذَلِكَ الْعَقْدِ.

فَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِاخْتِلَافِ كَيْفِيَّتِهِ تَعَارَضَتَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إخْرَاجِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ كَأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتَنِي الْأَرْضَ وَلَمْ تَسْتَثْنِ مَا فِيهَا مِنْ نَحْوِ الشَّجَرِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ اسْتَثْنَيْتُهُ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَبِيعِ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ رَاجِعًا إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ أَيْضًا فَحِينَئِذٍ يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهُ حَرْفًا بِحَرْفٍ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَ تَارِيخُ إحْدَاهُمَا فَيُحْكَمُ بِهَا لَا يُقَالُ إنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِإِدْخَالِ مَا ذُكِرَ فَهُمَا سَوَاءٌ وَإِلَّا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ مُقَدَّمَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ الصُّورَةُ كَمَا عَلِمْته أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي اسْتِثْنَاءِ نَحْوِ الشَّجَرِ فَالْمُشْتَرِي يَقُولُ لَمْ يَسْتَثْنِ وَالْبَائِعُ يَقُولُ اسْتَثْنَيْته وَإِذَا كَانَتْ الصُّورَةُ ذَلِكَ لَمْ يُتَصَوَّرْ إلَّا أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي تَقُولُ لَمْ يَقَعْ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْعَقْد وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ تَقُولُ وَقَعَ اسْتِثْنَاؤُهُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي تَارَةً تَتَعَرَّضُ لِلْإِدْخَالِ فَيَتَعَارَضَانِ وَتَارَةً لَا فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الشَّهَادَةُ بِالْإِدْخَالِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُمَا حُكْمَانِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ.

وَالْبَيِّنَةُ لَا تَتَعَرَّضُ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَتَعَرَّضُ لِسَبَبِ الْإِدْخَالِ مِنْ السُّكُوتِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَلِسَبَبِ عَدَمِهِ مِنْ ذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنْ تَعَرَّضَتْ لِلْإِدْخَالِ أَوْ عَدَمِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ سَأَلَهُمَا الْحَاكِمُ عَنْ سَبَبِهِ وَإِنْ كَانَا فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ اضْطِرَابٍ فِي الْمَسْأَلَة، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ كَيْفَ رَجَّحُوا الصِّحَّةَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مَعَ أَنَّ الْبُطْلَانَ هُوَ آخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا قَالَهُ الرَّبِيعُ وَالْآخَرُ مِنْ قَوْلَيْهِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ بِالدَّالِ فَصَحَّفَهُ إلَى آخَر بَعْضُ النُّسَّاخِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْبَاقُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ قَالَ السُّبْكِيّ إنَّ النَّصَّ إذَا عَدَلَ عَنْهُ أَكْثَرُ أَئِمَّتِنَا لَا يُعْمَلُ بِهِ وَأَيْضًا فَكَوْنُ الْآخَرِ هُوَ الرَّاجِحُ أَغْلَبِيٌّ فَقَطْ وَإِلَّا فَالْقَدِيمُ مُتَقَدِّمٌ وَرُجِّحَ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ بَاعَ زَيْدٌ بَكْرًا حَبًّا فَادَّعَى خَالِدٌ أَنَّ الْمَبِيعَ لَهُ وَالْبَائِعُ كَانَ وَكِيلًا لَهُ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي الثَّمَنِ بِأَنْ بَاعَهُ بِالْعَرَضِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ أَوْ أَطْلَقَ هَلْ يَكْفِيه تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ إيَّاهُ عَلَى مُدَّعَاهُ أَمْ يَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الْمَبِيعِ لَهُ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>