- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ لَهُ شَجَرَةٌ مَغْرُوسَةٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِحَقٍّ كَانَ بَاعَهُ شَجَرَةً مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَلْعِهَا أَوْ قَطْعِهَا فَبَسَقَتْ فُرُوعُهَا وَكَثُرَتْ أَغْصَانُهَا وَزَادَتْ عُرُوقُهَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَضَرَّرَ بِهَا مَالِكُ الْأَرْضِ فَهَلْ يَقْطَعُ مَا زَادَ بَعْدَ الشِّرَاءِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ فَقَالُوا وَالْمَوْجُودُ لِلْأَصْحَابِ فِيمَا حَدَثَ مِنْ أَوْلَادِ الشَّجَرَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ انْتَشَرَ مِنْ أَغْصَانِهَا حَوْلَهَا فِي هَوَاءِ أَرْضِ الْبَائِعِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا اسْتِحْقَاقُ إبْقَائِهَا كَالْأَصْلِ وَقَاسُوا ذَلِكَ عَلَى ثَخَانَةِ الْأَصْلِ وَالْعُرُوقِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْعُرُوقَ الزَّائِدَةَ فِي الْأَرْضِ مُتَّفَقٌ عَلَى إبْقَائِهَا كَيْفَ كَانَتْ وَلِبَعْضِ شُرَّاحِ الْوَسِيطِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ كَالْمُتَنَاقِضِ حَيْثُ قَالَ فِي شَجَرَةٍ قَدِيمَةٍ لِرَجُلٍ فِي أَرْضِ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا سَبَبُ مِلْكِهِ لَهَا فَزَادَتْ عُرُوقُهَا وَأَغْصَانُهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَطْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَلَا شَيْءَ مِنْ أَغْصَانِهَا الْقَدِيمَةِ وَإِنْ تَضَرَّرَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا بِحَقِّ مَا طَالَ مِنْ الْأَغْصَانِ عَلَى مَا عُهِدَ فَفِيهِ احْتِمَالٌ اهـ.
وَقَالَ فِي رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ وَلِلْآخَرِ شَجَرَةٌ أَغْصَانُهَا مُنْتَشِرَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ تَزِيدُ كُلَّ سَنَةٍ زِيَادَةً جَدِيدَةً أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إزَالَةَ تِلْكَ الْأَغْصَانِ الْمُنْتَشِرَةِ فِي هَوَاءِ أَرْضِهِ لِمِلْكِهِ لَهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ الْقَدِيمَة وَالْحَادِثَة وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي شَجَرَةٍ لِشَخْصٍ نَابِتَةٍ فِي أَرْضٍ لِآخَرَ وَلَمْ تَخْرُجْ أَغْصَانُهَا عَنْ هَوَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ نَابِتَةٌ فِيهَا إلَى هَوَاءِ غَيْرِهَا وَالثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى أَرْضٍ لِشَخْصٍ وَشَجَرَةٍ لِآخَرَ نَابِتَةٍ فِي غَيْرِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ انْتَشَرَتْ أَغْصَانُهَا إلَى هَوَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ الْمُجَاوِرَةِ لِأَرْضِ الشَّجَرَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْمَنْقُولُ تَبْقِيَةُ الْحَادِثِ مِنْ أَوْلَادِ الشَّجَرَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا وُضِعَ بِحَقٍّ وَأَغْصَانُهَا الْمُنْتَشِرَةُ وَعُرُوقُهَا كَذَلِكَ تَبَعًا لِأَصْلِهَا سَوَاءٌ الْحَادِثَة وَالْقَدِيمَة.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يَدْخُلُ فِي نَحْوِ بَيْعِ دَارٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عُلْوٍ وَسُفْلٍ وَمَخَازِنَ فِي السُّفْلِ لَكِنْ لَا طَرِيقَ إلَيْهَا وَإِنَّمَا أَبْوَابُهَا نَافِذَةٌ إلَى الشَّارِعِ مَعَ أَنَّ الْأَبْوَابَ أَيْضًا فِي جِدَارِهَا وَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ هَذِهِ الدَّكَاكِينِ وَإِذَا صَحَّ فَهَلْ يَصِيرُ الْجِدَارُ الَّذِي هِيَ فِيهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِينَ لِتِلْكَ الدَّكَاكِينِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا خَفَاءَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ جَمِيعُ مَا أَحَاطَ بِهِ بُنْيَانُهَا وَكَذَا مَا اتَّصَلَ بِهَا مِمَّا بُنِيَ لِمَصْلَحَتِهَا كَمُسْتَحَمٍّ وَغَيْرِهِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مُسَامَتَتِهَا لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّهُ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَالدَّكَاكِينُ الْمَذْكُورَةُ مِنْهَا لِاشْتِمَالِ حِيطَانِهَا عَلَيْهَا وَإِنْ نَفَذَتْ أَبْوَابُهَا مِنْ الشَّارِعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ أَوْ بَعْضِهَا وَإِذَا بَاعَ مَخْزَنًا أَوْ مَخْزَنَيْنِ لِاثْنَيْنِ صَحَّ وَيَكُونُ الْجِدَارُ الْمَذْكُورُ عِنْد الْإِطْلَاقِ مُشْتَرَكًا إذْ لَيْسَ نِسْبَتُهُ إلَى أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ نَذَرَ لِآخَرَ بِدَارٍ وَبِجَانِبِ الدَّارِ جَرِينٌ مَثَلًا خَارِجٌ عَنْ تَرْبِيعِ الدَّارِ وَطَرِيقهَا تَمُرُّ فِي الدَّارِ فَهَلْ يَدْخُلُ فِي النَّذْرِ بِالدَّارِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْهِبَةَ تَتَنَاوَلُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ وَأَلْحَقَ بِهِ غَيْرُهُمْ الْوَقْفَ وَالصَّدَقَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَنَحْوَهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّذْرَ كَذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحَمَّامَ إنْ عُدَّ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا وَبِأَنَّ حَرِيمَهَا بِشَجَرِهِ النَّابِتِ فِيهِ يَدْخُلُ إنْ كَانَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَإِلَّا فَلَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ إنْ عُدَّ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مِنْ مَرَافِقِهَا بَلْ مِنْ حَرِيمِهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي شَارِعٍ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ دَخَلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْقَفَّالُ إنَّ مَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِقْرَارِ وَمَا لَا فَلَا إلَّا الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَمْلَ وَالْجِدَارَ أَيْ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَبِنَاءِ الْبَيْعِ عَلَى الْعُرْفِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَرْضٍ فِيهَا شَجَرٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا عَدَا مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنْ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ إنَّ الْإِقْرَارَ كَالرَّهْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَا ذَكَرَ فَهَلْ مَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةٍ مَرْجُوحَةٍ لِكَوْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute