للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلّ مِنْهَا لِمَالِكِهَا زَرْعٌ أَوْ زَرْعٌ وَشَجَرٌ وَأَرَادَ أَحَدُهُمْ سَقْيَ مَا فِي أَرْضِهِ وَمَنَعَهُ الْبَاقُونَ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِأَرْضِهِ يَضُرُّ مِلْكَهُمْ وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ جَازَ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ جَارُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أَفْضَى إلَى تَلَفٍ كَمَا لَوْ اتَّخَذَ بِئْرًا عَلَى الِاقْتِصَادِ الْمُعْتَادِ بِمِلْكِهِ أَوْ حَفَرَ بَالُوعَةً كَذَلِكَ فَاخْتَلَّ بِذَلِكَ حَائِطُ جَارِهِ أَوْ نَقَصَ بِهَا مَاءُ بِئْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْعَادَةَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِهِ عَلَى الْعَادَةِ جَازَ لَهُ وَمُكِّنَ مِنْهُ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ جَارُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِمَا نَقَصَ بِسَبَبِهِ وَفَارَقَ الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور فِي السُّؤَالِ.

فَإِنْ كَانَ مُرِيدُ السَّقْيِ لَا يَتَوَصَّلُ لِسَقْيِ أَرْضِهِ إلَّا بِوَضْعِ الْحَوَاجِزِ أَوْ بَعْضِهَا فِي أَرْضِ جَارِهِ وَلَمْ تَكُنْ مُسْتَحَقَّةَ الْوَضْعِ فِيهَا فَإِنْ سَمَحَ لَهُ جَارُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ جَارُهُ عَلَى أَنْ يُسَامِحَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا دُونِهَا وَإِنْ كَانَ يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِوَضْعِ الْحَوَاجِزِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ فَإِنْ اخْتَصَّتْ مَنْفَعَتُهَا بِأَرْضٍ فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ أَوْ بِأَرَاضِي الْجَمِيعِ فَهِيَ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السُّفُوحُ الَّتِي يَنْزِلُ مِنْهَا السَّيْلُ إلَى الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ وَفِي بَيْعِ الدَّارِ مَفَاسِحُهُ الَّتِي يُطْرَحُ فِيهَا الْقُمَامَاتُ وَيُطْعَمُ فِيهَا الْبَهَائِمُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا أَوْ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِتَعْيِينٍ وَإِذَا عَرَفَ كَاتِبُ الْوَثِيقَةِ أَنَّهُمَا أَرَادَا ذَلِكَ بِمُقْتَضَى جَرْيِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْوَثِيقَةَ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ كَتْبُ ذَلِكَ إلَّا بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ بِذَلِكَ قَالَ اشْتَرَيْت دَارَ فُلَانٍ فَاكْتُبْ لِي بِهَا وَثِيقَةً هَلْ يَجُوزُ لَهُ وَهَلْ يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَلَا شُرْبُهَا أَيْ نَصِيبُهَا مِنْ قَنَاةٍ أَوْ نَهْرٍ مَمْلُوكَيْنِ وَنَبَّهَ السُّبْكِيّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْمَسِيلِ أَوْ الشُّرْبِ الْخَارِجِ عَنْ الْأَرْضِ بِخِلَافِ الدَّاخِلِ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عِنْد إيجَارِهَا لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهَا هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَمَّا لَوْ قَالَ بِحُقُوقِهَا فَيَدْخُلُ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ حَرِيمُهَا أَيْ الْمَمْلُوكُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ حُقُوقُهَا الْخَارِجَةُ عَنْهَا كَمَجْرَى الْمَاءِ وَحَرِيمُهَا وَشَجَرُهَا الَّذِي فِيهِ إنْ كَانَتْ بِطَرِيقٍ مُنْسَدٍّ بِخِلَافِ الَّتِي بِالشَّارِعِ فَإِنَّهُ لَا حَرِيمَ لَهَا مَمْلُوكٌ.

وَسَوَاءٌ فِي دُخُولِ الْحَرِيمِ الْمَمْلُوك وَنَحْوه قَالَ بِحُقُوقِهَا أَمْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك الدَّارَ وَسَكَتَ وَيَجُوزُ لِمَنْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُك الدَّارُ الْفُلَانِيَّةَ أَنْ يَشْهَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِدُخُولِ الْحَرِيمِ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ الصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْبَائِعِ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْتَفِي مِنْهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ إنْ كَانَ فَقِيهًا وَقِيلَ لَا يَكْتَفِي مِنْهُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُفَسِّرَ مَا شَهِدَ بِهِ وَيُبَيِّنَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِيهِ بِمَا يَقْتَضِيه نَظَرُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُفْتِيًا شَاهِدًا هَذَا كُلُّهُ فِي الشَّهَادَةِ وَأَمَّا كِتَابَةُ الْوَثِيقَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا إذْ لَا يَثْبُتُ بِهَا حَقٌّ فَلَا يُدَارُ حُكْمٌ عَلَى كِتَابَتِهَا وَعَدَمِ كِتَابَتِهَا فَلَوْ جَاءَ إنْسَانٌ لِمُوَثِّقٍ وَقَالَ لَهُ اُكْتُبْ لِي وَثِيقَةً بِشِرَاءِ دَارِ فُلَانٍ فَإِنِّي شَرَيْتُهَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الْكِتَابَةَ مُعْتَمِدًا عَلَى إخْبَارِهِ أَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ إنَّهُ اشْتَرَى دَارَ فُلَانٍ إلَخْ.

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْزِمَ بِالشِّرَاءِ فِي كِتَابَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَلَمَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَكَمَا يَجِبُ التَّحَرِّي فِي صِدْقِ الْمَنْطِقِ كَذَلِكَ يَجِبُ التَّحَرِّي فِي صِدْقِ الْكِتَابَةِ وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي بِأَنْ يُسْنَدَ إلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِذَلِكَ كَتَبَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ بِشِرَاءِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ فُلَانٌ إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ كَذَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. .

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا حِجَارَةٌ مَدْفُونَةٌ وَإِنْ عَلِمَهَا الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُشْكِلٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ صُبْرَةٍ مِنْ طَعَامٍ تَحْتَهَا دَكَّةٌ وَعَلِمَهَا الْمُشْتَرِي؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الصُّبْرَةِ مُسْتَنِدٌ إلَى التَّخْمِينِ وَوُجُودُ الدَّكَّةِ الْمَعْلُومَةِ يَمْنَعُهُ فَيَعْظُمُ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِي الْأَرْضِ.

(وَسُئِلَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>