للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ نَعَمْ إنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي أَصْلِ شَجَرِهِ جَازَ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمَغْرِسَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ رُجُوعِ الْمَعِيرِ، لَهُ دُخُولُ أَرْضِ الْمُعِيرِ لِسَقْيِ غِرَاسِهِ وَإِصْلَاحِ بِنَائِهِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ فَلَأَنْ يَجُوزَ نَظِيرُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى فَإِنْ اضْطَرَّ إلَى حِفْظِ الْإِجَّانَةِ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ حَيَاةُ الشَّجَرِ عَلَى ذَلِكَ إلَى وَضْعِ تُرَابٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ اسْتِمْسَاكُهَا احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ التَّمْكِينُ مِنْ ذَلِكَ لَا مَجَّانًا بَلْ بِأُجْرَةٍ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُعِيرَ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ لَزِمَهُ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ إلَى الْحَصَادِ وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ دُخُولُ أَرْضِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِسَقْيِ غِرَاسِهِ وَإِصْلَاحِ بِنَائِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مُدَّةِ الدُّخُولِ إنْ تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَةُ أَرْضِ الْمُعِيرِ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يُمَكَّنُ حِينَئِذٍ مِنْ الدُّخُولِ بِالْأُجْرَةِ.

وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ يَعُودُ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ بِتَمْكِينِ صَاحِبِ الشَّجَرِ مِنْ وَضْعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا غَيْرَ فَوْتِ مَنْفَعَتِهَا أَمَّا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْ إتْلَافِ شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ صَاحِبُ الشَّجَرِ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ بَاعَ شَجَرَهُ وَبَقِيَتْ لَهُ الثَّمَرَةُ لَمْ يُكَلَّفْ قَطْعَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ السَّقْيُ وَعَظُمَ الضَّرَرُ بِبَقَائِهَا فَيُكَلَّفُ قَطْعَهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا السَّقْيُ لِحَاجَةِ الثِّمَارِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ إنْ تَضَرَّرَ الشَّجَرُ بِبَقَاءِ الثِّمَارِ اهـ وَوَجْهُ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَتِنَا أَنَّ إبْقَاءَ الشَّجَرَةِ ثَمَّ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ كَإِبْقَاءِ الثَّمَرَةِ هُنَا عَلَى شَجَرِ الْغَيْرِ فَكَمَا رَاعَوْا هُنَا مَصْلَحَةَ مَالِكِ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَرَأَوْا أَنَّ حُصُولَ الضَّرَرِ بِهِ يُوجِبُ قَطْعَ ثَمَرَةِ الْبَائِعِ فَقِيَاسُهُ النَّظَرُ هُنَا لِمُصْلِحَةِ مُلَّاكِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ لُحُوقُ الضَّرَرِ بِهِمْ مُجَوِّزًا لَهُمْ مَنْعَ صَاحِبِ الشَّجَرِ مِنْ وَضْعِ شَيْءٍ فِي أَرْضِهِمْ يَضُرُّهُمْ.

وَإِنْ عَادَتْ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الشَّجَرِ فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ مَا قَالُوهُ ثُمَّ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّهُمْ لَا يُجْبَرُونَ هُنَا عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ السَّقْيِ بِأُجْرَةٍ الَّذِي رَجَّحْته قُلْت: لَيْسَ قِيَاسُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَضَ كَمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ يَعُودُ عَلَيْهِمْ بِتَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَزِمَهُمْ كَمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ فِي تِلْكَ تَمْكِينُ الْبَائِعِ مِنْ السَّقْيِ وَدُخُولِ مِلْكِهِ لَهُ إنْ كَانَ أَمِينًا مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ مِلْكِهِ وَهُوَ الثَّمَرَةُ فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ هَذَا أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ وَضْعِ مَا ذُكِرَ بِلَا أُجْرَةٍ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ فِي الْبَائِعِ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الدُّخُولِ لِلسَّقْيِ بِلَا أُجْرَةٍ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الدُّخُولِ لِسَقْيِ الثَّمَرَةِ أَنْ لَا تَطُولَ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبِخِلَافِ دُخُولِ الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا مَرَّ لِسَقْيِ غِرَاسِهِ وَإِصْلَاحِ بِنَائِهِ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الْبَائِعِ هُنَا أَشَدُّ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا قَدِمَ عَلَى شِرَاءِ الشَّجَرِ دُونَ الثَّمَرِ كَانَ مُوَطِّنًا نَفْسَهُ عَلَى الرِّضَا بِبَقَاءِ الثَّمَرَةِ وَمِنْ لَازِمِهِ الرِّضَا بِدُخُولِهِ لِسَقْيِهَا.

وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ وَتَنَازَعَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَلَا يَتَّجِهُ الْقَوْلُ بِنَظِيرِ هَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا كَانَ إنَّمَا اسْتَحَقَّ الشَّجَرَ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُ السَّائِلِ وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فِيهَا شَجَرٌ إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ بَلْ يَأْتِي فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مَعَ الْبَقِيَّةِ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الصُّلْحِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ كَانَتْ أَرْضٌ مُتَفَرِّقَةً لِأَشْخَاصٍ لِأَحَدِهِمْ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا زَرْعٌ وَلِلْآخَرِ فِيهَا شَجَرٌ أَوْ لِكُلٍّ فِي نَصِيبِهِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ السَّقْيَ لِنَفْعِ مِلْكِهِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لِضَرَرِ مِلْكِهِ وَالْحَالُ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ فِي يَدِ هَؤُلَاءِ الْمُلَّاكِ مُنْتَقِلَةٌ مِنْ أَهَالِيِهِمْ مِنْ وَارِثٍ إلَى وَارِثٍ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى وَاحِدٍ بِصُورَةِ عَقْدٍ حَتَّى يُقَالَ يُفْسَخُ الْعَقْدُ فَهَلْ يُجَابُ طَالِبُ السَّقْيِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّقْيَ أَمْ الْمُمْتَنِعُ إذْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فَإِنْ قُلْتُمْ يُجَابُ طَالِبُ السَّقْيِ فَهَلْ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ السَّقْيِ كَالْمُسْتَعِيرِ يَدْخُلُ لِنَحْوِ سَقْيٍ بِأُجْرَةٍ لَمَّا عَطَّلَ فَإِنْ قُلْتُمْ يُفْرِدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مِلْكَهُ بِسَقْيٍ فَقَدْ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِتَعْطِيلِ بَعْضِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ الَّتِي مِنْهَا مَنْفَذُ الْمَاءِ بِسَبَبِ وَضْعِ الْحَوَاجِزِ الَّتِي تَرُدُّ الْمَاءَ فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) أَمَدَّنَا اللَّهُ مِنْ مَدَدِهِ بِأَنَّ كَلَامَ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ مُتَمَايِزَةُ الْحِصَصِ وَبِأَنَّ تِلْكَ الْحِصَصَ الْمُتَمَايِزَةَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>