وَقْتِ وِلَادَتِهِ إذْ حَاصِلُ شَهَادَةِ الْأُولَى أَنَّهُ مَضَى لَهُ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَشَهَادَةُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ لَهُ مِنْ وَقْتِ وِلَادَتِهِ إلَّا ثَلَاثَ أَوْ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً فَالْأُولَى تُثْبِتُ وُجُودَهُ وَوِلَادَتَهُ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَالثَّانِيَةُ تَنْفِي وُجُودَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ مُسْتَصْحِبَة لِأَصْلِ الْعَدَمِ وَالْأُولَى نَاقِلَةٌ عَنْهُ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا وَتُلْغَى شَهَادَةُ الثَّانِيَةِ وَإِذَا أَرَّخَتْ الشَّاهِدَةُ بِالْوِلَادَةِ بِنَحْوِ مَوْتِ فُلَانٍ وَثَبَتَ بِالْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَوْتُهُ يَوْمَ كَذَا ثَبَتَتْ وِلَادَةُ فُلَانٍ يَوْمَ كَذَا وَأُدِيرَ حُكْمُهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ الْعِتْقِ]
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مَعَهُ أَمَةٌ فَسَافَرَ بِهَا إلَى بِلَادٍ فِي الْيَمَنِ تُسَمَّى جَازَانِ مِنْ أَعْمَالِ التُّرْكِ فَنَزَلَ عَلَى الْبِلَادِ وَلَدِ الْإِمَامِ الزَّيْدِيِّ فَشَرَّدُوا التُّرْكَ وَتَرَكُوا الْبِلَادَ فَمَسَكُوا التُّجَّارَ وَالْمُتَسَبَّبِينَ جَمِيعَهُمْ وَمُسِكَ الرَّجُلُ فِي جُمْلَتِهِمْ وَحُبِسَ هُوَ وَجَارِيَتُهُ مَعَ مَنْ حُبِسَ فَأَرَادُوا أَخْذَ الْجَارِيَةِ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْهُ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ فَذَكَر لَهُمْ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا خَوْفًا أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ فَقَامَ أَكَابِرُ الْبِلَادِ وَدَخَلُوا عَلَى الْمُتَوَلِّي وَجَعَلُوا مَصْلَحَتَهُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ أَشْرَفِيًّا حَتَّى خَلَصَ هُوَ وَجَارِيَتُهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ عِتْقٌ فِي الْجَارِيَةِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا تَعْتِقُ الْجَارِيَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِنًا أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ أَعْتَقْتُهَا الْإِخْبَارَ بِالْعِتْقِ كَذِبًا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِخَلَاصِهَا، وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ وَثَبَتَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حُكِمَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ مَتَى وَجَدْتُ عَبْدِي وَلَمْ أُطَوِّشْهُ فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَحْرَارٌ فَوَجَدَهُ وَبَاعَهُ وَلَمْ يُطَوِّشْهُ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ إذَا وَجَدَهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ تَطْوِيشِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ عَتَقَ عَلَيْهِ أَرِقَّاؤُهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ قَالَ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ عَتَقَ وَلَوْ ضَرَبَهُ آخَرُ عَتَقَ حَتَّى لَوْ ضَرَبُوهُ كُلُّهُمْ عَتَقُوا وَلَوْ قَالَ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي ضَرَبْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَ وَاحِدًا عَتَقَ فَإِنْ ضَرَبَ آخَرَ لَمْ يَعْتِقْ فَمَا الْفَرْقُ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا صِيغَةُ أَيٍّ الدَّالَّةِ عَلَى الْعُمُومِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَيَّ وَإِنْ كَانَ لِلْعُمُومِ إلَّا أَنَّ ضَرَبَ فِي الْأَوَّلِ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرِهِ وَقَدْ وَقَعَ صِفَةً لَهُ فَيَكُون عَلَى طِبْقِهِ فِي الْعُمُومِ وَيَصِيرُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي اتَّصَفَ بِضَرْبِك فَهُوَ حُرٌّ فَكُلُّ مَنْ اتَّصَفَ بِضَرْبِهِ يَكُونُ حُرًّا، وَأَمَّا ضَرَبَ فِي الثَّانِي فَهُوَ لَمْ يُسْنَدْ إلَى ضَمِيرِ أَيِّ الَّتِي لِلْعُمُومِ فَلَمْ يُمْكِنْ وُقُوعُهُ أَعْنِي ضَرَبَ صِفَةً لِأَيِّ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ صِفَةً لَهَا لَمْ يَكْتَسِبْ عُمُومًا بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى وَضْعِهِ وَمِنْ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُثْبِتَ لَا عُمُومَ لَهُ.
وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا الْأَوَّلُ لَا يُقَالُ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ لِلْعُمُومِ لِأَنَّا نَقُولُ الْعُمُومُ فِيهَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ دَلَالَةَ السِّيَاقِ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ فَلَا تُسَاوِي الْعُمُومَ بِالصِّيغَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي اللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَقْوَى عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَم عِتْقِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا زَيْدٌ عَلَيْهِ إلَّا إنْ قَوِيَتْ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الشُّمُولِ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ مَنْ ضَرَبَك مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ كُلُّ مَنْ ضَرَبَهُ لِأَنَّ ضَرَبَ حِينَئِذٍ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرٍ مِنْ الْعَامِّ فَيَعُمُّ كَمَا سَبَقَ فِي الصِّيغَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ ضَرَبْتَ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا مَنْ ضَرَبَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute