مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ أُصُولُهَا كُلُّهَا مِثْلَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ فَقَدْ خَسِرْت صَفْقَتَك وَضَاعَ عُمُرُك فِي الضَّلَالِ وَالْهَذَيَانِ فَتَدَارَكْ مَا بَقِيَ مِنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَنْفَعَك فِي آخِرِ عُمُرِك، وَقَوْلُهُ عَنْ شَيْخِهِ وَاَلَّذِي يُفْتِي بِهَا يُقَلِّدُ مَنْ قَالَهَا وَلَا جَرْحَ وَلَا إثْمَ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مِنْ شُرُوطِ الْإِفْتَاءِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِنْ عِنْدِهِ بِحَسَبِ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي الْمُقَلِّدِ أَنْ يُفْتِيَ إلَّا بِالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ بُطْلَانِ الدَّوْرِ وَقَدْ تَبِعَهُمَا الْمُحَقِّقُونَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسُوغُ الْإِفْتَاءُ بِخِلَافِهِ وَمَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ - لَا سِيَّمَا بِصِحَّةِ الدَّوْرِ - كَانَ آثِمًا فَاسِقًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْقِي وَالْمُسْتَلْقِي يَعْرِفَانِ الْمَعْنَى يُقَالُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُكَ ذَلِكَ فِي الْمُلْقِي بَاطِلٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْمُسْتَلْقِي الَّذِي هُوَ الزَّوْجُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ عَامِّيًّا لَا يَعْرِفُ مَعْنَى الدَّوْرِ
وَإِنَّمَا يَعْرِفُ لَفْظَهُ عَلَّمَهُ لِمَنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ فَقَالَهُ عَارِفًا مَعْنَاهُ صَحَّ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُلْقِي جَاهِلًا بِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمُلْقِيَ لَا يُدَارُ عَلَيْهِ حُكْمٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ مَعْرِفَتُهُ لِمَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ طَلَاقٍ بَعْدَهُ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى جَهْلِك حَتَّى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ كَيْفَ تَصَوَّرْت أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ طَلَاقٍ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ رَدُّ النِّسْوَانِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخِلَافِ وَالظَّاهِرُ أَنَّك لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ قَبْلِهِ وَبَيْنَ بَعْدِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسْتَبْعَدٍ عَنْك فَإِنَّ مَزِيدَ جَهْلِك وَغَبَاوَتِك يَقْضِي عَلَيْك بِأَنَّك لَا تَفْهَمُ ذَلِكَ وَلَا مَا هُوَ دُونَهُ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ تَقُولَ بِشَرْطِ طَلَاقٍ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّك لَوْ قُلْت ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَلَامُك أَيْضًا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُعَلَّقًا بِطَلَاقٍ قَبْلَهُ لَا يَقْتَضِي الدَّوْرَ وَإِنَّمَا الْمُقْتَضِي لِلدُّورِ كَوْنُهُ مُعَلَّقًا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِلثَّلَاثِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّك لَا تَعْرِفُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا هُنَا، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمَشْرُوطُ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مَزِيدِ جَهْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ، وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ تَقُولَ لَمْ يَقَعْ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا كَانَ الشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي وَالْمَشْرُوطُ قَوْلُهُ: فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَهَذَا الْمَشْرُوطُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ فِي عِبَارَتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ الْمَشْرُوطُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَهُ هُوَ الْمَشْرُوطُ فَكَيْفَ يَقُولُ لَمْ يَقَعْ الْمَشْرُوطُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الصَّوَابَ لَمْ يَقَعْ الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ. . . إلَخْ وَلَيْتَهُ إذْ كَانَ جَاهِلًا صِرْفًا أَخَذَ لَفْظَ الدَّوْرِ الَّذِي قَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَسَطَّرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَوَقَعَ ثَلَاثٌ قَبْلَهُ وَلَوْ وَقَعَتْ ثَلَاثٌ قَبْلَهُ لَمَا وَقَعَ هُوَ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ هُوَ لَمْ يَقَعْ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ وَإِذَا ظَهَرَ لَكَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ الدَّوْرِ بِلَفْظٍ مُطَابِقٍ لَهُ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُ الْإِفْتَاءُ بِصِحَّتِهِ كَيْفَ يُعَلِّمُهُ لِلْعَوَامِّ وَيَأْمُرُهُمْ بِتَقْلِيدِ الْقَائِلِ بِهِ مَعَ جَهْلِهِ بِمَعْنَاهُ وَقَدْ قَالَ هُوَ نَفْسُهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْقِي وَالْمُسْتَلْقِي عَارِفَيْنِ بِمَعْنَى الدَّوْرِ فَقَدْ قَضَى هَذَا الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجَهْلِ الْمُفْرِطِ وَالْحَمَاقَةِ الْمُجَاوِزَةِ لِلْحَدِّ وَالْغَبَاوَةِ الظَّاهِرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجَدِّدَ الْأَوْبَةَ وَيُخْلِصَ التَّوْبَةَ
وَيَرْجِعَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ فَرَطَاتِ الْجَهْلِ وَسَقَطَاتِ اللِّسَانِ، وَعَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ قُدْرَةٌ وَشَوْكَةٌ أَنْ يَمْنَعَ الْأَزْوَاجَ الَّذِينَ حَنِثُوا فِي أَيْمَانِهِمْ عَنْ نِسَائِهِمْ حَتَّى يَتَحَلَّلْنَ لَهُمْ تَحْلِيلًا شَرْعِيًّا سَوَاءٌ كَانُوا أَلْقَوْا عَلَيْهِنَّ إطْلَاقَ الدَّوْرِ أَمْ لَا لِمَا تَقَرَّرَ لَك الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَائِلِينَ بِهِ وَأَنَّ التَّقْلِيدَ فِي ذَلِكَ إثْمٌ وَفُسُوقٌ وَأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِذَلِكَ قَاضٍ نُقِضَ حُكْمُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ الرَّجْعَةِ]
(وَسُئِلَ) هَلْ لِلْمُعَاشِرِ لِرَجْعِيَّتِهِ الرَّجْعَةُ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَمَلًا بِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute