وَانْتَزَعَ الْمَالَ مِنْ الْمَنْذُورِ لَهُ خُصُوصًا إذَا ادَّعَى الْجَهْلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَيَعْتَمِدُ الشَّاهِدُ فِي الْإِضَافَةِ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ صِدِّيقٌ مُلَازِمٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ صَبْرُهُ وَعَدَمُ صَبْرِهِ عَلَى الْمَشَقَّةِ فَيَشْهَدُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ عَدَمِ صَبْرِهِ عَلَى الْإِضَافَةِ حَيْثُ عُرِفَ مِنْهُ ذَلِكَ. اهـ. وَكُلُّهُ مَرْدُودٌ بِمَا قَدَّمْته فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.
(وَسُئِلَ) إذَا نَذَرَ شَخْصٌ نَذْرًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَمْلِكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُرْصَدُ لِمَصَالِحِ حُجْرَتِهِ أَوْ لِمَصَالِحِ مَسْجِدِهِ أَوْ لِأَهْلِهِ فَإِذَا صُرِفَ فَهَلْ يُصْرَفُ لِبَنِي الْحَسَنَيْنِ أَوْ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَوْ لِخُدَّامِ حُجْرَتِهِ أَوْ لِخُدَّامِ مَسْجِدِهِ أَوْ لِسُكَّانِ بَلَدِهِ أَمْ لَا وَإِذَا أَخَذَ نَذْرَهُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَصَدَ صَرْفَهُ فِي قُرْبَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِجِيرَانِهِ أَوَبِغَيْرِهِمَا صَحَّ نَذْرُهُ وَعُمِلَ فِيهِ بِقَصْدِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَإِنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِصَرْفِ مَا يُنْذَرُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَعَلِمَ النَّاذِرُ بِذَلِكَ الْعُرْفِ وَقْت النَّذْرِ صَحَّ النَّذْرُ أَيْضًا وَوَجَبَ صَرْفُهُ لِتِلْكَ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَطَّرِدْ بِشَيْءٍ أَوْ جَهِلَهُ النَّاذِرُ وَلَا قَصْدَ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ قُرْبَةً وَلَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِذَا خَرَجَ النَّذْرُ عَنْ هَذَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لَفْظُهُ مَوْضُوعًا لِلْقُرْبَةِ كَانَ بَاطِلًا.
(وَسُئِلَ) عَنْ النَّذْرِ لِوَلِيٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ النَّذْرَ أَوْ الْوَقْفَ لِمَشَاهِدِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ صَحِيحٌ إنْ نَوَى النَّاذِرُ أَوْ الْوَاقِفُ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ صَرْفَهُ فِي عِمَارَتِهِ أَوْ مَصَالِحِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْقُرَبِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصْرَفُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ مَصَالِحِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إلَى مَنْ دُفِنَ هُنَاكَ أَوْ يُنْسَبُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمَحَلُّ فَإِنَّ النَّذْرَ حِينَئِذٍ لَا يَنْعَقِدُ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي نَذْرِ نَحْوِ الشَّمْعِ وَوَقْفِهِ عَلَى ذَلِكَ مَا يُفِيدُ مَا ذَكَرْتُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَوْ وَقَفَ مَا يَشْتَرِي مِنْ غَلَّتِهِ الْإِسْرَاجَ لِلْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ وَلَوْ عَلَى نُذُورِ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا إذَا قُصِدَ بِالنَّذْرِ أَوْ الْمَوْقُوفِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشَاهِدِ التَّنْوِيرُ عَلَى مَنْ يَسْكُنُ الْبُقْعَةَ أَوْ يَرِدُ إلَيْهَا لِأَنَّ هَذَا نَوْعُ قُرْبَةٍ أَمَّا إذَا قُصِدَ الْإِيقَادُ عَلَى الْقَبْرِ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّنْوِيرِ فَلَا يَصِحُّ وَكَذَا إذَا قُصِدَ بِهِ وَهُوَ الْغَالِبِ مِنْ الْعَامَّةِ تَعْظِيمُ الْبُقْعَةِ أَوْ الْقَبْرِ أَوْ التَّقَرُّبِ إلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ خُصُوصِيَّاتٍ وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّذْرَ لَهَا مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْبَلَاءُ
[بَابُ الْقَضَاءِ]
(وَسُئِلَ) بَلَدٌ بَادِيَةٌ وَصَاحِبُهَا فِيهِ الْخَيْرُ وَيُحِبُّ إقَامَةُ الشَّرْعِ وَلَيْسَ لَهُ مُعَانِدٌ فَهَلْ إذَا نَصَّبَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا يُقِيمُ لَهُمْ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ يَنْفُذُ حُكْمَهُ وَيَتَوَلَّى الْعُقُودَ وَحَلَّهَا أَوْ لَا فَيُزَوِّجُ مَنْ وَلِيُّهَا تَارِكُ الصَّلَاةِ وَيَتَوَلَّى مَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامُ؟
(فَأَجَابَ) إذَا كَانَتْ الْبَلَدُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ تَحْتَ وِلَايَةِ السُّلْطَانِ وَلَا أَحَدٍ مِنْ نُوَّابِهِ وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ نَافِذَ الْأَمْرِ فِيهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ يَدٌ وَلَا حُكْمٌ لِأَحَدٍ كَانَتْ جَمِيعُ أُمُورِهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ بِهَا بِأَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا عَدْلًا ذَا مَعْرِفَةٍ وَمُرُوءَةٍ وَعِفَّةٍ وَصِيَانَةٍ وَفِقْهِ نَفْسٍ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَوْ مُعْظَمُهَا فِي رَجُلٍ وَوَلَّاهُ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءَ وَالْحُكْمَ بَيْنَهُمْ نَفَذَتْ وِلَايَتُهُ وَجَمِيعُ أَحْكَامِهِ الَّتِي تَنْفُذُ مِنْ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فَيَسْمَعُ الدَّعْوَى وَيَحْكُمُ وَيُزَوِّجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ لَهَا وَلِيٌّ فَاسِقٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَيَتَوَلَّى مَالَ الْأَيْتَامِ وَالسُّفَهَاءِ وَيُقِيمُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْغِبْطَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَيَفْعَلُ جَمِيعَ مَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي تَكْمِلَتِهِ يَعْنِي وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ كَمَا إذَا عَلِمَ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يُقْضَى بِشَاهِدَيْنِ وَهُوَ يُفِيدُ الظَّنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute