للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُعَاطَاةٍ وَقَعَتْ بَيْن اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مُبَايَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَمِيعِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْمُبَايَعَةِ شَرْعًا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ بَلْ ادَّعَى أَنَّهَا مَحْضُ الْمُعَاطَاةِ وَهِيَ فِي عُرُوضٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ هَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْبَيْعِ الشَّرْعِيِّ أَمْ نَافِيه حَيْثُ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ الشَّرْعِيِّ وَلَكِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ الْآخَرَ عُرُوضَهُ بِنَقْدٍ مَعْلُومٍ وَاشْتَرَى عُرُوضَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَتَقَاصَّا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ بَلْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ عُرُوضَهُ بِعُرُوضٍ هَلْ يَصْدُقُ أَحَدُهُمَا أَمْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَفِي الشَّاشَاتِ غَيْرِ الْمَنْشُورَةِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا قَبْلَ النَّشْرِ أَمْ لَا.

وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَهَلْ يَحِلُّ لِمُشْتَرِيهَا اسْتِعْمَالُهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ فِي حِلِّيَّةِ الِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا وَفِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي صِفَةِ عَقْدٍ أَوْ شَرْطٍ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مُدَّعَاهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ عَلَى مُقْتَضَى النَّفْيِ الْمَجْعُولِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُثْبِتِ أَمْ النَّافِي وَفِي مَسْأَلَةِ الشَّاشَاتِ إذَا عَانَدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَرُدَّهَا وَالْبَائِعُ يُرِيدُهَا فِرَارًا مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ حِلِّيَّةِ الثَّمَنِ هَلْ يَلْزَمُ وَلِيَّ الْأَمْرِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي رَدّهَا وَتَأْدِيبه إنْ امْتَنَعَ وَإِذَا تَرَكَ وَلِيُّ الْأَمْرِ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ هَلْ يَأْثَمُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَكْفِي تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي اللَّقِيطِ وَقُبَيْلِ الصَّدَاقِ وَآخِرِ الدَّعَاوَى فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ يَمِينَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكٌ لِبَائِعِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَانْتُزِعَ الْمَبِيعُ مِنْهُ وَيَصْدُقُ مُدَّعِي صِحَّةِ الْبَيْعِ لِوُقُوعِهِ بِصِيغَةٍ صَحِيحَةٍ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ وَقَدَّمُوا فِيهَا الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ عَلَى الْأَصْلِ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى انْبِرَامِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ الشَّرْعِيِّ وَتَنَازَعَا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ بَيْعِ كُلِّ عَرَضٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِالْعَرَضِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا النِّزَاعِ فَائِدَةٌ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلًّا مَلَكَ عَرَضَ الْآخَر وَأَنَّ أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي سَبَبِ الْمِلْكِ هَلْ هُوَ عَقْدَانِ أَوْ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ.

فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ فِيهِ فَائِدَة سُمِعَتْ دَعْوَاهُمَا وَحَلَفَ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ وَرَجَعَ عَرَضُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَيْهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ نَفْيَ دَعْوَى الْآخَرِ فَتَسَاقَطَا وَإِنَّمَا رُدَّ إلَى كُلٍّ عَرَضُهُ مَعَ أَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَهُ لِدَعْوَاهُ اسْتِحْقَاقَ الْعَيْنِ الْمُقَابِلَةَ فَلَمَّا تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا رُدَّ عَلَيْهِ مُقَابِلُهَا الَّذِي بَذَلَهُ كَمَا شَأْنُ تَرَادِّ الْعِوَضَيْنِ عِنْد الْفَسْخِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَطْوِيِّ إلَّا بَعْدَ نَشْرِهِ وَرُؤْيَةِ جَمِيعِهِ وَلَا يَحِلُّ لِمُشْتَرِي الشَّاشَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ النَّشْرِ إمْسَاكُهَا إنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِمَنْ يَشْتَرِطُ الرُّؤْيَةَ كَإِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعُلِمَ أَنَّ مَذْهَبَهُ ذَلِكَ أَوْ قِصَرٌ فِي التَّعْلِيمِ فَإِنْ عَانَدَ وَلَمْ يَرُدَّهَا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَأَدَّبَهُ إنْ امْتَنَعَ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَرَاهُ زَجْرًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ ذَلِكَ إذَا عَلِمَ وَقَدَرَ وَإِلَّا أَثِمَ بَلْ رُبَّمَا يُفَسَّقُ بِذَلِكَ وَيَنْعَزِلُ وَالْبَيِّنَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَتَحَالَفُ الْمُتَعَاقِدَانِ ثُمَّ يَفْسَخَانِ الْعَقْدَ أَوْ يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَهَبَتْنِيهِ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا لَوْ بَعَثَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ الْبَاعِثُ قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ هَدِيَّةٌ صُدِّقَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ بِيَمِينِهِ وَبِمَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُهُ بِعِوَضٍ وَالزَّوْجُ كَذَلِكَ وَقَالَ الْعَبْدُ وَالزَّوْجَةُ بَلْ مَجَّانًا صُدِّقَا فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّمَا صُدِّقَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ الْبَعْثُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَا مُرَجِّحَ فِيهَا وَإِنَّمَا صُدِّقَ الْعَبْدُ وَالزَّوْجَةُ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَدَعْوَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَهِيَ الْمَالُ مَدْفُوعَةٌ بِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتنَا فَإِنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَتَّفِقَ الْحَالِفَانِ عَلَى سَبَبِهِ وَلَا مُرَجِّحَ لِجَانِبِ أَحَدِهِمَا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ فِي الْقُوتِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ إشْهَادٍ أَوْ شَاهِدَيْنِ تَحَالَفَا وَعَنْ الْجُوَيْنِيِّ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفَيْنِ مِمَّا لَك

<<  <  ج: ص:  >  >>