للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ: بِحُرْمَتِهَا وَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ التَّخَلُّصَ مِنْ الرِّبَا وَأَمَّا الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ الزَّائِدِ فَهِيَ أَنْ يَهَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مَا فِي يَدِهِ أَوْ يَنْذُرُ لَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوز لِلْمُسْلِمِ أَخْذُ الرِّبَا مِنْ الْحَرْبِيِّ وَيُقَرِّرُ عَلَيْهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَبِالتَّطْفِيفِ وَغَيْرِهِ وَمَا الْمُرَادُ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَمَا عَلَامَتُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ. الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّتُنَا أَنَّ الْعَقْدَ مَعَ الْحَرْبِيِّ بِالِاخْتِيَارِ كَهُوَ مَعَ الْمُسْلِمِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِّ مَا أَخَذَهُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ بِعَقْدٍ إنْ تُوجَدُ جَمِيعُ شُرُوطِ الْبَيْعِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرِّبَا مِنْهُ وَلَا التَّطْفِيفُ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عُزِّرَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ الشَّدِيدُ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْبِيِّ الْكَافِرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَمَانٌ بِنَحْوِ عَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ تَأْمِينٍ مُسَلَّمٍ بِشَرْطِهِمَا الْمَعْرُوفِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي هَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ مِنْ بَيْعِ الْمِحْلَقِ الرَّدِيءِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ بِفُلُوسٍ خَالِصَةٍ مَعَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِرَدَاءَتِهِ وَمَعَ جَهْلِهِ بِذَلِكَ كَمَا قَالُوا بِصِحَّةِ بَيْعِ زُجَاجَةٍ لِمَنْ ظَنَّهَا جَوْهَرَةً وَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ فَهَلْ هَذَا كَذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِ الْخِيَارِ أَمْ لَا أَوْ يَصِحُّ مَعَ الْعِلْمِ دُونَ الْجَهْلِ كَمَا فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ بَانَتْ سِكَّتُهُ مُخَالِفَةً لِسِكَّةِ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَا عَلِمَ. أَوْ ظَنَّ أَنَّ مُشْتَرِيَهُ يَغُشُّ بِهِ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَيْثُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَغُشّهُ مَعَ التَّحْرِيمِ كَمَا فِي بَيْعِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ ذَلِكَ فَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَلَوْ بَاعَ الْمِحْلَقَ الْمَذْكُورَ بِعُثْمَانِيٍّ وَفُلُوسٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْفِضَّةُ التَّافِهَةُ الَّتِي فِي الْمِحْلَقِ الرَّدِيءِ كَحَبَّاتِ شَعِيرٍ لَا تُقْصَدُ لِقِلَّتِهَا حَيْثُ بِيعَ بُرٌّ بِبُرٍّ.

وَفِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ يَسِيرَةٌ لَا تُقْصَدُ. أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ فَلَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ مِحْلَقًا جَدِيدًا بِعُثْمَانِيَّيْنِ أَوْ بِعُثْمَانِيٍّ وَشَيْءٍ آخَرَ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ مَعَ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَمْ لَا لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ هُنَا أَنَّ الْجَهْلَ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَهَلْ مُعَامَلَةُ الصِّغَارِ كَمُعَامَلَةِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فِي جَوَازِ الْمُعَاطَاةِ مَعَهُمْ عَلَى الْمُخْتَارِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ حَيْثُ رَأَى الْمُعَاقِدَانِ الْمِحْلَقَ الْمَذْكُورَ جَازَ بَيْعُهُ. بِالْفُلُوسِ الْمَذْكُورَةِ هَذَا إنْ كَانَ كُلُّ مَنْ غَشَّهُ وَخَالَصَهُ مَقْصُودًا أَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ خَالَصَهُ فَقَطْ لَكِنْ عَلِمَا قَدْرَهُ أَمَّا لَوْ جَهِلَا ذَلِكَ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ وَتَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِالْمَغْشُوشِ فِيهِ مُعَايَنَةً وَفِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عِيَارَهَا لِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا.

وَلِذَلِكَ اُسْتُثْنِيَتْ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ خَلِيطُهُ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَقَدْرُ الْمَقْصُودِ مَجْهُولٌ كَمِسْكٍ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ. وَلَبَنٍ مَشُوبٍ بِمَاءٍ لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِهِ اهـ. لِأَنَّ كَلَامَهُمْ هَذَا فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَكَلَامُنَا فِي شَيْءٍ مُزَيَّفٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ السُّؤَالِ وَمَا لَا تَرُوجُ الْمُعَامَلَةُ بِهِ لَا يُعْطَى حُكْمُ مَا رَاجَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ لِاضْطِرَارِ النَّاسِ إلَى هَذَا دُونَ ذَاكَ وَحَيْثُ ظَنَّ الْمُشْتَرِي سَلَامَتَهُ مِنْ الْغِشِّ أَوْ مِنْ كَثْرَتِهِ فَبَانَ خِلَافُ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ كَمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ضَابِطُهُ. وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ مَسْأَلَةِ الزُّجَاجَةِ لِأَنَّ ذَاتهَا لَيْسَ فِيهَا عَيْبٌ وَإِنَّمَا أُخْلِفَ الظَّنُّ فِيهَا وَحَيْثُ عَلِمَ الْبَائِعُ بِعَيْنِهِ عَيْبًا حُرِّمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا إلَّا بَعْدَ تَبْيِينِهِ لِذَلِكَ الْعَيْبِ فَإِنْ سَكَتَ أَثِمَ وَصَحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمِحْلَقِ الْمَذْكُورِ بِعُثْمَانِيٍّ وَفُلُوسٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ.

وَلَيْسَتْ الْفِضَّةُ الَّتِي فِي الْجَانِبَيْنِ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ حَتَّى تُقَاسُ بِحَبَّاتِ الشَّعِيرِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ قَلِيلَ النَّقْدِ يَقْصِدُ وَيُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بِخِلَافِ قَلِيلِ الشَّعِيرِ. فَإِنَّهُ لَا يَقْصِدُ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمِحْلَقِ الْجَدِيدِ بِعُثْمَانِيَّيْنِ إلَّا إنْ اتَّفَقَا وَزْنًا بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِعُثْمَانِيٍّ وَشَيْءٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُعَامَلَةَ الصِّغَارِ كَالْبَالِغِينَ وَلَا يُعَدُّ هَذَا مِنْ مَذْهَبِنَا وَإِنْ كَانَ قَائِلُهُ مِنَّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) بِمَا مَضْمُونُهُ وَصَلَ كِتَابُكُمْ الْعَزِيزُ وَلَفْظُكُمْ الشَّافِي الْوَجِيزُ فَقَرَأَهُ لِمَمْلُوكٍ وَقَبِلَهُ وَفَهِمَ مُفَصَّلَهُ وَمُجْمَلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ سَيِّدِي أَنَّهُمَا إذَا رَأَيَا الْمِحْلَقَ الْمَذْكُورَ وَعَلِمَا عَيْنَهُ جَازَ بَيْعُهُ وَلَا إثْمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>