للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَغُشُّ بِهِ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى تَسْطِيرِ مَا فِي السُّؤَالِ مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَقَوْلُ سَيِّدِي هَذَا إذَا كَانَ كُلُّ مَنْ غَشَّهُ وَخَالَصَهُ مَقْصُودَ أَهْلِ الْمُرَادِ سَيِّدِي إنَّهُ مَقْصُودٌ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ أَوْ مَقْصُودٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهَلْ الْمُرَادُ مَقْصُودٌ عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ عَلَى الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ فَالسَّائِلُ مُسْتَفِيدٌ جَزَاكُمْ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيْرًا؟

(فَأَجَابَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَغُشُّ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَضْطَرَّ إلَى الْبَيْعِ لَهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِحَرَامٍ حَرَامٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ بَيْعُ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا لِأَنَّ سَبَبَ الْحُرْمَةِ هُنَا أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْبَيْعِ وَثَمَّ أَمْرٌ ذَاتِيٌّ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُرَادُ بِالْقَصْدِ الْمَذْكُورِ قَصْدُهُ مُنْفَرِدًا أَوْ مُتَضَمَّنًا فِي الْعُرْفِ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ سَمْنِ الْغَنَمِ بِسَمْنِ الْبَقَرِ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجُوزُ بَيْعُ سَمْنِ الْغَنَمِ بِسَمْنِ الْبَقَرِ مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَعْطَى خَبَّازًا دِرْهَمًا وَقَالَ: أُعْطِنِي بِنِصْفِهِ خُبْزًا وَبِنِصْفِهِ الْآخَرِ نِصْفَ دِرْهَمٍ صَحِيحًا فَأَعْطَاهُ مَا قَالَ مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ جَعَلَ الدِّرْهَمَ فِي مُقَابَلَةِ الْخُبْزِ وَالنِّصْفَ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَهُوَ رِبًا وَإِنْ فَصَّلَ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْك بِنِصْفِهِ خُبْزًا وَنِصْفِهِ الْآخَرِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ صَحِيحٍ صَحَّ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا النِّصْفُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَا وَزْنًا وَقِيمَةً وَإِلَّا كَانَ رِبًا لِأَنَّهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ بِقَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ.

(وَسُئِلَ) عَنْ عَيْنٍ مَبِيعَةٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ وَهُمَا يَعْلَمَانِ بِهَا سَابِقًا حَاضِرَةً كَانَتْ أَوْ غَائِبَةً وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمَا الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ فَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّةٍ هَلْ لِلْحَاكِمِ ثُبُوتُهُ وَالْحُكْمُ بِهِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَشْرُوحِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْحُدُودِ عِنْدَهُ بِهَا. سَوَاءٌ أَكَانَ بِالشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَمْ غَيْرِهِمَا أُوضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا عَلِمَ الْعَاقِدُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ بِالرُّؤْيَةِ وَلَوْ قَبِلَ الْعَقْدُ بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَوْرَدَا الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَرَيَاهَا وَلَمْ يَعْرِفَاهَا صَحَّ الْبَيْعُ وَيَشْهَدُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الصِّيغَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْمُوجِبِ بِشَرْطِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدَانِ عِنْدَهُ بِالْحُدُودِ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا ثُبُوتُ الْعَقْدِ فَحَسْبُ. وَأَمَّا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ بِحُدُودِهِ إلَّا إذَا وَقَعَ تَنَازُعٌ فِي عَيْنِهِ الْغَائِبَةِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الرِّبَا: وَالتَّخَايُرُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّقَابُضِ بِمَثَابَةِ التَّفَرُّقِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وَقَالَ فِي الْخِيَارِ: لَوْ تَقَابَضَا فِي عَقْدِ الصَّرْفِ ثُمَّ أَجَازَا فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَ الْعَقْدُ وَإِنْ أَجَازَاهُ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِجَازَةَ لَاغِيَةٌ لِأَنَّ الْقَبْضَ مُعَلَّقٌ بِالْمَجْلِسِ. وَهُوَ بَاقٍ فَيَبْقَى حُكْمُهُ فِي الْخِيَارِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابَيْنِ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لُزُومَ الْعَقْدِ وَزَادَ ثَالِثًا أَنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَاسْتَشْكَلَ بِمَا فِي الرِّبَا وَأَجَابَ بِمَا فِي الْخَادِمِ وَالتَّعَقُّبَاتِ بِأَنَّ مَا فِي الرِّبَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَفَرَّقَا بِلَا قَبْضٍ وَمَا فِي الْخِيَارِ عَلَى مَا إذَا تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ.

وَاعْتَرَضَ بِأُمُورٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْبُطْلَانَ لَوْ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا تَفَرَّقَا بَعْدَ التَّخَايُرِ بِلَا قَبْضٍ وَلَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى مُجَرَّدِ التَّخَايُرِ لَامْتَنَعَ الْخِلَافُ فِيهِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِ الْعَقْدِ عِنْدَ التَّفَرُّقِ بِلَا قَبْضٍ وَقَدْ عَلِمْت ثُبُوتَ الْخِلَافِ كَمَا حَكَاهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ فَوَجَبَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ تَفْرِيقٌ. الثَّانِي إنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ صُحِّحَ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ مَعَ الْمُشْتَرِي. إلَّا خَمْسَةٌ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا وَرَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الثَّمَنِ بُطْلَانُ الْعَقْدِ وَوَجَّهَهُ أَنَّ قَرْضَ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ تَصَرُّفٌ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَاذِلِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ إذَا كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارِ بَاذِلِهِ بَاطِلٌ إذَا وَقَعَ مَعَ غَيْرِ الْبَاذِلِ وَصَحِيحٌ إذَا وَقَعَ مَعَهُ وَيَكُونُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ قَرْضَ الْخَمْسَةِ إجَازَةٌ لِلْعَقْدِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِجَازَةِ مُبْطِلٌ كَالتَّفَرُّقِ. وَأَنَّ التَّفَرُّقَ قَبْلَ قَبْضِ بَعْضِ الْعِوَضِ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ فَسَادُ مَا سَبَقَ مِنْ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ الثَّالِثُ قَوْلُهُمَا أَنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>