فِيهِ لِلْأَكْبَرِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ وَلَيْسَ مِنْ الذُّرِّيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْبَطْنِ غَيْرُهُ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَهَلْ يَصِحُّ إيجَارُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ اهـ.
وَلَمَّا كَانَ فِي إطْلَاقِ الِانْفِسَاخِ فِي هَذَيْنِ الْإِفْتَاءَيْنِ نَظَرٌ خَالَفَ الْأَوَّلَ أَجَلُّ تَلَامِذَتِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالثَّانِيَ وَلَدُهُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ وَعِبَارَةُ فَتَاوَى الْأَوَّلِ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا وَشَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ أَوْ الْأَصْلَحِ مِنْهُمْ وَآلَ النَّظَرُ وَالِاسْتِحْقَاقُ لِأَحَدِهِمْ بِمَوْتِ إخْوَتِهِ فَأَجَّرَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لِغَيْرِهِ وَكَذَا النَّظَرُ فَلَا نَظَرَ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ مَنَعَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ حَالَ نَظَرِهِ وَجَعَلَ اسْتِحْقَاقَهُ حَالَ نَظَرِ غَيْرِهِ بِلَا وِلَايَةٍ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةٍ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي إنَّمَا يَتَلَقَّى مِنْ الْوَاقِفِ لَا مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ.
وَلِقَوْلِ الْمَحَلِّيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيَتَوَلَّى الْوَقْف إلَّا فِي صُورَةٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَجَّرَ إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ حَاكِمًا أَوْ أَجْنَبِيًّا أَوْ مُسْتَحِقًّا وَالْوَقْفُ وَقْفُ تَشْرِيكٍ أَوْ تَرْتِيبٍ وَبَقِيَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَفِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فِيهَا وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ التَّشْرِيكِ وَالتَّرْتِيبِ أَجَابَ إجَارَةُ نَاظِرِ الْوَقْفِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِ الْأَصْحَابِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَشْرُطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ عَلَى حِصَّتِهِ خَاصَّةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَتَنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ النَّظَرُ فِيهَا لِلْأَرْشَدِ أَوْ الْأَصْلَحِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَتَنَاوَلُ ثُبُوتَ النَّظَرِ لَهُ حَالَةَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَحَالَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ فِي بَطْنٍ سَافِلٍ كَالثَّانِي وَالثَّالِثِ مَنْ هُوَ أَرْشَدُ وَأَصْلَحُ مِنْ أَهْلِ بَطْنٍ عَالٍ كَالْأَوَّلِ ثَبَتَ لَهُ النَّظَرُ.
وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ بَطْنٍ أَعْلَى مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّ وِلَايَةَ مَنْ هُوَ مِنْ الْبَطْنِ الْعَالِي لَمْ يُقَيِّدْهَا الْوَاقِفُ بِحَالَةِ اسْتِحْقَاقِهِ إذْ لَوْ تُصُوِّرَ أَنْ يَسْتَحِقَّ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ بَطْنٍ أَسْفَلَ مِنْهُ ثَبَتَتْ وِلَايَةُ نَظَرِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ السَّافِلِ بِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ مَعَ وُجُودِهِ لَا لِعَدَمِ شُمُولِ وِلَايَتِهِ لَهُمْ فَالتَّرْتِيبُ فِي الْبُطُونِ لِاسْتِحْقَاقِ الرَّيْعِ لَا لِثُبُوتِ النَّظَرِ وَقَدْ عُلِمَ جَوَابُ بَقِيَّةِ السُّؤَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إجَارَةَ نَاظِرِ الْوَقْفِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ النَّظَرَ لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ عَلَى حِصَّتِهِ خَاصَّةً وَقَدْ يُجَابُ عَنْ عِبَارَةِ شَيْخِنَا زَكَرِيَّا بِأَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ، ثُمَّ لِمَنْ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْوَقْفُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَاقِفَ قَيَّدَ نَظَرَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ لِمَنْ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْوَقْفُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ لِكُلِّ بَطْنٍ عَلَى حِصَّتِهِ فَيَكُونُ النَّظَرُ حِينَئِذٍ مُقَيَّدًا بِالِاسْتِحْقَاقِ وَيَلْزَمُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِهِ الِانْفِسَاخُ بِالْمَوْتِ كَمَا يَأْتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّيْخِ وَلَا إطْلَاقَ فِي كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْهُ نَعَمْ تَعْلِيلُ الِانْفِسَاخِ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ.
؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الْمَلْحَظُ فِي الِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا الْمَلْحَظُ عُمُومُ نَظَرِهِ أَوْ خُصُوصِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مَبْسُوطًا وَعِبَارَةُ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِيهِ وَقَدْ نَزَلَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَيَّ بَعْدُ وَقَالَ شَيْخُنَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجَبْتُ بِجَوَابٍ مَبْسُوطٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى نُقُولٍ نَاصَّةٍ عَلَى عَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ مِمَّنْ ذَكَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ ذَلِكَ مَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا أَجَّرَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ الْوَقْفَ مَثَلًا ثُمَّ مَاتُوا فَإِنْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مُتَوَلِّيًا فِي ذَلِكَ صَحَّتْ إجَارَتُهُمْ وَلَيْسَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَسْخُهُ إذَا كَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيُّ وَحِلْيَةِ الرُّويَانِيِّ إنْ كَانَ مُتَوَلِّيًا وَلَهُ حَقٌّ فِي غَلَّتِهِ لِكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ فَأَجَّرَهُ، ثُمَّ مَاتَ هَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحَقِّ مَنْ بَعْدَهُ بِوِلَايَةٍ وَفِي حَوَاشِي الرَّوْضَةِ لِجَلَالِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ النَّاظِرَ انْفَرَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ أَجَّرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَمْ تَنْفَسِخْ إجَارَتُهُ وَإِنْ أَجَّرَ بِدُونِهَا انْفَسَخَتْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحَابِي فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الْغَيْرِ اهـ.
نَعَمْ مَا أَطْلَقَهُ مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَقَوْلِ وَالِدِهِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا بِالِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ هِيَ عَيْنُ صُورَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُهُ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute