فَتَكُونُ مِمَّا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَكِنْ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى خَوْخَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ عَالِيَةٍ فِي الْجِدَارِ لَا يُتَطَرَّقُ مِنْهَا عَادَةً إذْ الْمَدَارُ عَلَى الِاسْتِطْرَاقِ الْعَادِيِّ وَحَيْثُ وُجِدَ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَيْضًا إذَا وَقَفَ الْإِمَامُ عَلَى السَّهْلِ وَالْمَأْمُومُ عَلَى الْجَبَلِ فَإِنْ كَانَ الْجَبَلُ يُمْكِنُ صُعُودُهُ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ إذَا كَانَ مَكَانُ الِارْتِقَاءِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا الْإِمَامُ.
وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْجَبَلَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ السُّورِ الْمُنَيَّفِ يَقِفُ عَلَيْهِ الْمُقْتَدِي وَالْإِمَامُ عَلَى الْقَرَارِ اهـ. فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّورِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِسُهُولَةِ الِاسْتِطْرَاقِ لَا بِإِمْكَانِهِ عَلَى بُعْدٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقَمُولِيِّ فِيمَا لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ بِسَطْحِ دَارِهِ وَعَلَى الطَّرِيقَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ الِاسْتِطْرَاقِ إلَيْهِمَا وَلَا تَكْفِي الْمُشَاهَدَةُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَلَوْ كَانَ الْمُرُورُ مُمْكِنًا لَكِنْ بِانْعِطَافٍ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ يُمْكِنُ فِيهِ التَّوَصُّل إلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ بِانْعِطَافٍ وَبِتَسَوُّرِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُسَامِت لِجِدَارِهِ.
وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ لِحَيْلُولَةِ الْجِدَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَيْ: وَإِنْ أَمْكَنَ رُقِيُّهُ وَالْوُصُولُ مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِطْرَاقًا عَادِيًّا. فَإِنْ قُلْت يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ لَوْ كَانَا عَلَى سَطْحَيْنِ صَحَّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ عَرِيضٌ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّهْرِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ. قُلْت لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُعَدَّانِ مُجْتَمِعِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَغَايُرَ بَيْنَ بِنَائِهِمَا بِخِلَافِ مَنْ فِي بِنَاءِ جِدَارِهِ جِدَارُ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الْبِنَاءَ مُخْتَلِفٌ فَاشْتُرِطَ سُهُولَةُ الِاسْتِطْرَاقِ مِنْ تِلْكَ الْخَلْوَةِ فِي ذَلِكَ الْجِدَارِ وَلَمَّا تَغَايَرَ بِنَاءُ مَنْ بِالسَّطْحِ وَمَنْ بِقَرَارِ الْمَسْجِدِ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ الِاسْتِطْرَاقِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْقَمُولِيِّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكِنَّ إطْلَاقَهُ الْبُطْلَانَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ لِلْمَسْجِدِ. إلَّا بِنَحْوِ انْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ أَيْ: مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَا يُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ.
وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ ابْنِ التِّلْمِسَانِيِّ أَنَّ السِّتْرَ الْمُرْخَى كَالْبَابِ الْمَرْدُود؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ بِهِ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ بِخِلَافِ حَيْلُولَةِ نَحْوِ الشَّارِعِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَة غَيَّرَ بَعْضَ حُرُوفِهَا فَيَقُولُ فِي الْمُسْتَقِيمِ الْمُصْطَقِيمَ هَلْ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَمْ لَا إذَا وُجِدَ أَقْرَأُ مِنْهُ؟ .
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَنْ أَبْدَلَ حَرْفًا مِنْ الْفَاتِحَة لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ بِأَنْ كَانَ يُبْدِلُ ذَلِكَ الْحَرْفَ الَّذِي يُبْدِلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ كَيْفِيَّةِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقُولُ الْمُصَلِّي أُصَلِّي سُنَّةَ الْعِيدِ. وَكَذَا فِي الْوِتْرِ أُصَلِّي صَلَاةَ الْوِتْرِ وَكَذَا الضُّحَى أَصَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى وَكَذَا سُنَّةُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَكَيْفَ يَنْوِي صَلَاةَ الْجِنَازَة وَمَا أَحْسَنَ مَا يَقُولُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنَّ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ سُنَّةُ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ الْوِتْرِ أَوْ الضُّحَى أَوْ الْكُسُوفِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَوْلَى نِيَّةُ الْوِتْرِ ضَعِيفٌ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ أَنَّ الْعِيدَ الْأَكْبَرُ أَوْ الْأَصْغَرُ وَأَنَّ الْكُسُوفَ لِلشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ وَكَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْجِنَازَة أُصَلِّي عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ إنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ فَرْضَ كِفَايَةٍ مَأْمُومًا إنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ لَهُ بَيْتٌ مُلَاصِقٌ لِجِدَارِ الْمَسْجِدِ. وَلَهُ بَابٌ يُفْتَحُ وَيُغْلَقُ مِنْ جِهَةِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا كَانَ حَالَ الصَّلَاة وَالْقُدْوَة بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ فَتَحَ الْبَابَ لَكِنْ فِي مَوْقِفِهِ لَمْ يَرَ الْإِمَامَ وَلَا بَعْضَ الْمَأْمُومِينَ وَإِنَّمَا يَسْمَعُ الْمُبَلِّغَ فَقَطْ بِالتَّكْبِيرِ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا التَّبْلِيغ كَافٍ مِنْ الْمُؤَذِّن أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَتَصِحُّ الْقُدْوَةُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ وَيَكُونُ الْحُكْمُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْإِمَامُ بِالْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهُ بِالشَّارِعِ الْمَطْرُوق أَوْ بِالْفَضَاءِ بِشُرُوطِهِ يَكْفِي التَّبْلِيغ مَعَ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ لِلْإِمَامِ أَوْ لِبَعْضِ الْمَأْمُومِينَ وَسَوَاءٌ وَقَفَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ أَحَدٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ الْمَأْمُوم فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ اُشْتُرِطَ رُؤْيَتُهُ لِلْإِمَامِ أَوْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ كَالْوَاقِفِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَكْفِي هُنَا سَمَاعُ صَوْتِ الْمُبَلِّغِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا حَقِيقَةُ رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَرِيمِهِ وَهَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمِنْ الْمُهِمِّ بَيَانُ حَقِيقَةِ هَذِهِ الرَّحْبَةِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ أَنَّهَا