تَالِفَةٌ أَجْزَأَتْهُ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِجْزَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَكْمُلْ النِّصَابُ عِنْدَ الْحَوْلِ لِبَقَاءِ الْمَدْفُوعَةِ تَقْدِيرًا أَوْ عَنْ مِائَةٍ فَنَتَجَتْ وَكَمُلَتْ الْمِائَةُ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ لَزِمَهُ شَاةً أُخْرَى وَإِنْ تَلِفَتْ الْأُولَى أَوْ صَاعًا عَنْ فِطْرَتِهِ فَأَكَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ ثُمَّ دَخَلَ وَالشُّرُوطُ مُحَقَّقَةٌ وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَإِنَّهُ لَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ فَاسْتَغْنَى - مَثَلًا - الْفَقِيرُ بِغَيْرِ مَا تَعَجَّلَهُ وَاسْتَرَدَّهَا أَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّهَا جَدَّدَ الْإِخْرَاجَ لِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْ إجْزَاءِ الْمُعَجَّلَةِ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْحَوْلَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا كَالْبَاقِيَةِ تَقْدِيرًا فَانْدَفَعَ تَصْحِيحُ الْفَارِقِيِّ عَدَمُ الضَّمِّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَقِيسُ نَظَرًا إلَى فَقَدْ شَرْطِ السَّوْمِ لِكَوْنِهَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّ الْمُعَجَّلَةَ لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْفَقِيرِ وَاسْتَرَدَّ الْمُزَكِّي عِوَضَهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَى الْفَقِيرِ فَلَا يَكْمُلُ بِهِ نِصَابُ السَّائِمَةِ.
نَعَمْ إذَا دَفَعَ مِثْلَهَا فِي النَّقْدِ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَجَدَّدَ الْإِخْرَاجَ إذْ لَا مَانِعَ كَمَا يَأْتِي وَأَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ مَعْلُوفَةً أَوْ اشْتَرَى شَاةً فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَأَخْرَجَهَا وَلَمْ يَكْمُلْ مَا عِنْدَهُ نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ إلَّا بِالْمَخْرَجِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَعْلُوفَةَ لَا تَدْخُلُ فِي نِصَابِ السَّائِمَةِ وَكَذَا الْمُشْتَرَاةُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَا تَدْخُلُ فِي نِصَابِ مَا كَانَ عِنْدَهُ أَوَّلَ الْحَوْلِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ عِبَارَتَيْ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَاضِحٌ غَنِيٌّ عَنْ التَّأَمُّلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) مَتَّعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ وَفَسَّحَ فِي أَجْلِهِ فِيمَنْ مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ حَوْلًا كَامِلًا أَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ فِيهَا عُرُوضًا وَقُلْتُمْ يُقَوِّمُهَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَكَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ فَكَيْفَ صُورَةُ التَّقْوِيمِ هَلْ يُقَوِّمُ بِالْمَغْشُوشِ ثُمَّ بِالْخَالِصِ وَمَا خَالَطَ ذَلِكَ مِنْ الْغِشِّ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ يُحْسَبُ فِي تَقْوِيمِ الْعُرُوضِ كَمَا قَالَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ أَوْ يَكْتَفِي بِالتَّقْوِيمِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِالْمَغْشُوشِ أَوْ الْخَالِصِ وَمَا هُوَ مِنْهُمَا وَهَلْ يَكْتَفِي فِي التَّقْوِيمِ بِعِدْلِ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْخَرْصِ بِنَدْبِ الْحَاكِمِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ عِدْلَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ يُقَوِّمُ بِغَالِبِ نَقْلِ الْمَحَلِّ الَّذِي تَمَّ الْحَوْلُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النَّقْدُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا مِنْهُ خَالِصًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا خَالِصًا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا نَظَرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَحْوِهَا لِغِشِّهِ هَلْ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِذَهَبٍ مَثَلًا فِضَّةً مَغْشُوشَةً بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فِيهَا فَإِنَّهَا هِيَ وَغِشُّهَا يُقَوَّمَانِ آخِرَ الْحَوْلِ بِذَلِكَ الذَّهَبِ فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُمَا نِصَابًا خَالِصًا مِنْ ذَلِكَ الذَّهَبِ وَجَبَتْ زَكَاتُهُمَا وَإِلَّا فَلَا فَنَتَجَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْخَالِصِ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ وَأَنَّ الْمُقَوَّمَ نَفَسَهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ وَهِيَ يَجِبُ تَقْوِيمُهَا حَتَّى يُخْرِجَ رُبُعَ عُشْرِ قِيمَتِهَا فَكَذَلِكَ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهَا.
وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي السُّؤَالِ غَلَطٌ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الْمُقَوَّمِ بِالْمُقَوَّمِ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُقَوَّمَ هُوَ الَّذِي يُحْسَبُ غِشُّهُ لِأَنَّهُ كَالْعُرُوضِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْمُقَوَّمُ بِهِ لِيُعْلَمَ هَلْ بَلَغَ مَالُ التِّجَارَةِ نِصَابًا أَوْ لَا وَكَمْ كَمْيَّةُ أَنْصِبَتِهِ الَّتِي يُخْرِجُ عَلَيْهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا خَالِصًا لِمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدِ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إلَّا فِي الْخَالِصِ ثُمَّ إذَا عَرَفَ بِالتَّقْوِيمِ مِقْدَارَ مَالِ التِّجَارَةِ بِالنَّقْدِ الْخَالِصِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مِنْ النَّقْدِ الْخَالِصِ أَوْ مِنْ الْمَغْشُوشِ الْمُسَاوِي خَالِصُهُ لِلنَّقْدِ الْخَالِصِ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِالْغِشِّ.
فَإِنْ قُلْت مَا الْمَانِعُ فِيمَا إذَا كَانَ النَّقْدُ الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ كَالنَّقْدِ الْغَالِبِ مَغْشُوشًا مِنْ أَنْ يُقَوَّمُ بِذَلِكَ الْمَغْشُوشِ وَيُخْرِجُ مِنْهُ وَلَا ضَرَرَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ الْغِشَّ كَمَا حُسِبَ فِي التَّقْوِيمِ لَهُمْ كَذَلِكَ يُحْسَبُ فِي الْمُخْرَجِ لَهُمْ قُلْت الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَنَحْوِهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِنَقْدٍ، وَالْغِشُّ الْمُخَالِطِ لِلنَّقْدِ لَيْسَ نَقْدًا فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُهُ فِي التَّقْوِيمِ.
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إنَّمَا اخْتَصَّ الرِّبَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ دُونَ الْفُلُوسِ لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ وَأَيْضًا فَاعْتِبَارُ الْغِشِّ فِي التَّقْوِيمِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ لِأَنَّ الْغِشَّ الْمُخَالِطَ لِلْفِضَّةِ لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مَضْبُوطَةٌ حَتَّى يُعْلَمَ مَا يُقَابِلُهُ بَلْ لَوْ عُلِمَ مَا يُقَابِلُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا إذَا قَوَّمْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute