للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالنَّقْدِ فَهُوَ مُقَوَّمٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مُقَوَّمًا بِهِ وَدَعْوَى أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ فِي التَّقْوِيمِ بِالْمَغْشُوشِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى أَنَّهَا وَإِنْ سَلِمَتْ فَالْمَانِعُ مِنْ التَّقْوِيمِ جَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا فَلَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ التَّقْوِيمِ بِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ ضَرَرٌ أَمْ لَا.

وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ وَهَلْ يَكْتَفِي فِي التَّقْوِيمِ إلَخْ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ مِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ صَحِيحٌ إذْ عِبَارَتُهُ وَيَنْبَغِي لِلتَّاجِرِ عِنْدَ الْحَوْلِ أَنْ يُبَادِرَ إلَى تَقْوِيمِ مَالِهِ بِعِدْلَيْنِ وَيُمْتَنَعُ وَاحِدٌ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَحْصُلُ نَقْصٌ فَلَا يَدْرِي مَا يُخْرِجُهُ اهـ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا عِدْلُ وَاحِدٍ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي التَّقْوِيمِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إذْ لَا بُدَّ ثَمَّ مِنْ عِدْلَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَعَلِّقٌ بِالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ فَكَمَا اشْتَرَطُوا ثَمَّ عِدْلَيْنِ كَذَلِكَ يُشْتَرَطَانِ هُنَا لِوُضُوحِ الْجَامِعِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ.

وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ اكْتَفَى فِيهَا بِوَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اثْنَيْنِ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الْمُقَوَّمِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْخَارِصِ بِأَنَّ الْخَارِصَ كَالْحَاكِمِ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ وَفِيهِ وِلَايَةٌ وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لِلْخَارِصِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي أَنْ يَضْمَنَ الْمَالِكُ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ حَتَّى إذَا قَبِلَ انْتَقَلَ حَقُّهُمْ إلَى ذِمَّتِهِ وَحَلَّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْجَمِيعِ بِخِلَافِ التَّقْوِيمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ وِلَايَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ وَالشَّاهِدُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ.

ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْأُسْتَاذِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ يَعْرِفُ الْقِيمَةَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي قَدْرِ خَالِصِ الْمَغْشُوشِ وَيَحْلِفُ أَيْ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ فَإِنْ قَالَ أَجْهَلُ قَدْرَ الْغِشِّ وَأَدَّى اجْتِهَادِي إلَى أَنَّهُ كَذَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَرَاوِزَةُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَا يُعْتَمَدُ غَلَبَةُ ظَنِّهِ وَإِنْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ نَعَمْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ انْضَافَ إلَى قَوْلِهِ قَوْلٌ مُعْتَمَدٌ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ عَمِلَ بِهِ وَعَبَّرَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ.

وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَمَتَى ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّ قَدْرَ الْخَالِصِ فِي الْمَغْشُوشِ كَذَا وَكَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ اسْتِحْبَابًا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لَا أَعْلَمُ قَدْرَ الْفِضَّةِ عِلْمًا لَكِنِّي اجْتَهَدْت فَأَدَّى اجْتِهَادِي إلَى كَذَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّاعِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ انْتَهَتْ نَعَمْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَالِكَ إنْ قَطَعَ بِأَنَّ قِيمَةَ مَالِهِ كَذَا صَدَقَ وَحَلَفَ نَدْبًا.

وَإِنْ قَالَ أَظُنُّ أَنَّ قِيمَتَهُ كَذَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَالِكَ لَهُ طَرِيقٌ إلَى الْقَطْعِ بِأَنَّ قَدْرَ الْخَالِصِ كَذَا وَلَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إلَى الْقَطْعِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ كَذَا وَهَذَا أَوْجَهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهَا إلَّا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا تُخُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِكَهُ وَيُؤَدِّي الْوَاجِبَ خَالِصًا وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَحْتَاطَ وَيُؤَدِّي مَا تَيَقَّنَ أَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ خَالِصٌ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مَا يَتَيَقَّنُ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ فِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفَسَّحَ فِي مُدَّتِهِ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ دَرَاهِمُ مَغْشُوشَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ الْغِشِّ الَّذِي فِيهَا إلَّا بِسَبْكِ الْجَمِيعِ وَالْحَالُ أَنَّ السَّبْكَ يُتْلِفُ مَالِيَّتَهَا أَوْ مُعْظَمَهَا فَمَا الطَّرِيقُ إلَى مَعْرِفَةِ الْخَالِصِ مِنْهَا لِيُعْلَمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ أَوْ عَدَمِهِ وَهَلْ يَكْتَفِي فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِالِامْتِحَانِ بِالْمَاءِ كَمَا فِي الْإِنَاءِ الْمُخْتَلَطِ وَهَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ الْجَهْلِ بِالْغِشِّ حَيْثُ ظَنَّ حُصُولَ نِصَابٍ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِنَاءِ الْمُخْتَلَطِ أَنَّهُ إنْ شَاءَ احْتَاطَ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَ الِاحْتِيَاطُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ الْعَمَلُ بِالِاحْتِيَاطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>