لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْمَوْلَى ثُمَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الْغِشِّ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا.
وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ مَعْرِفَتَهُ بِالْمَاءِ بِأَنْ يُجْرِيَ فِيهِ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِي مُخْتَلَطٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ جُهِلَ وَزْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا مِنْ الْفِضَّةِ وَيُعْلَمُ ارْتِفَاعُهَا ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا نُحَاسًا وَيَعْلَمُهَا وَهَذَا فَوْقَ الْأُولَى لِأَنَّ النُّحَاسَ أَكْبَرُ حَجْمًا مِنْ الْفِضَّةِ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ الْمَخْلُوطَ فَإِنْ اسْتَوَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا فَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَنِصْفُهُ نُحَاسٌ وَإِنْ نَقَصَ عَنْ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ بِشَعِيرَتَيْنِ وَعَنْ عَلَامَةِ النُّحَاسِ بِشَعِيرَةٍ فَثُلُثَاهُ نُحَاسٌ وَثُلُثُهُ فِضَّةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَبِالْعَكْسِ أَوْ بِأَنْ يَضَعَ الْمُخْتَلَطَ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يَضَعُ مِنْ خَالِصِ الْفِضَّةِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَرْتَفِعَ الْمَاءُ إلَى تِلْكَ الْعَلَامَةِ ثُمَّ يُوزَنُ ذَلِكَ الْخَالِصُ فَإِذَا كَانَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَضَعَ مِنْ خَالِصِ النُّحَاسِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَصِلَ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ ثُمَّ يُوزَنُ فَإِذَا كَانَ سِتُّمِائَةٍ عَلِمَ أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلَطِ فِضَّةٌ وَنِصْفَهُ نُحَاسٌ لِأَنَّ زِنَتَهُ نِصْفُ زِنَةِ الْمَجْمُوعِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْخَالِصِ وَالْغِشِّ بِأَحَدِ هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلَاثِ.
فَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِمَا ذَكَرَ فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِنْهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ إتْلَافُهُ لِلضَّرُورَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِسَبْكِ كُلِّهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ لَهُ وَقْعٌ وَالسَّبْكُ يُنْقِصُ مَالِيَّتَهُ نَقْصًا لَهُ وَقْعٌ فَإِنْ تَيَقَّنَ فِيهِ نِصَابًا أَوْ أَكْثَرَ خَالِصًا وَإِنَّمَا شَكَّ فِي مُنْتَهَاهُ لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ عَمَّا تَيَقَّنَهُ دُونَ مَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهِ وَالِاحْتِيَاطُ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ إمَّا الِاحْتِيَاطُ أَوْ السَّبْكُ كَمَا مَرَّ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ فِيهِ نِصَابًا خَالِصًا بِأَنْ شَكَّ أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْخَالِصِ هَلْ يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ لَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِمَا ذُكِرَ.
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ وَهَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَخْ فَجَوَابُهُ يُعْرَفُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ آخِرَ السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ الْمُرَاوَزَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ غَلَبَةُ ظَنِّهِ إلَّا مَعَ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا تُخُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِكَهُ وَيُؤَدِّي الْوَاجِبَ خَالِصًا وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَحْتَاطَ وَيُؤَدِّي مَا تَيَقَّنَ أَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ خَالِصًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ يُعْرَفُ بِالدِّيَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ بَلْ إنَّهُمْ لَا يَقْسِمُونَ مِيرَاثًا وَمَعَ ذَلِكَ مُتَّخِذُونَ فُقَهَاءَ يُغَيِّرُونَ أَحْكَامَ اللَّهِ لَيْسُوا بِفُقَهَاءِ شَرْعٍ بَلْ فُقَهَاءُ الْحَرْثِ وَمَعَ ذَلِكَ يَأْخُذُونَ صَدَقَاتِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَيَدَّخِرُونَهَا فِي بُيُوتِهِمْ حَتَّى يَجْمَعُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا وَيَشْتَرُونَ بِهِ الضِّيَاعَ فَإِذَا جَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ النَّاحِيَةِ رَجُلٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْهِ أَخَذَ مِنْهُمْ عَطَاءً عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُمْ الْحِيَلَ فَهَلْ يُنَفَّذُ حُكْمُهُ إذَا عُرِفَ بِذَلِكَ
وَهَلْ إذَا اجْتَمَعَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ وَشَرَى لِصَاحِبِهِ أَعْنِي الَّذِي جَعَلَ لَهُ الدَّرَاهِمَ هَلْ يُتَّهَمُونَ بِالتَّدْلِيسِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ امْرَأَةً بِحَيْثُ إنَّهُمْ ذَكَرُوا لَهَا أَنَّ هَذِهِ الْبَلْدَةَ أَخَذَهَا أَبُوك فِي كَذَا وَكَذَا أَشَرَفِيًّا فَبَاعَتْ بِمِقْدَارِ عَشْرَةِ أَشَرَفِيَّةٍ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا وَالْأَرْضُ الَّتِي حَصَلَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ أَشَرَفِيًّا فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ.
فَإِذَا قُلْتُمْ يَصِحُّ وَقُلْتُمْ إنَّ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ فَكَيْفَ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَكَانَ وَالِدُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ قَدْ خَلَفَ أَرْضًا فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقْتَسِمُوا قِسْمَةً صَحِيحَةً أَعْنِي وَهُمْ الْعَصَبَةُ وَاَلَّتِي حَصَلَ مَعَهَا هَذَا الْعَقْدُ وَأَيْدِيهمْ عَلَى مَالِ أَبِيهَا فَأَرَادَ الْعَصَبَةُ أَنْ يُخْرِجُوهَا مِنْ مَالِ أَبِيهَا وَقَدْ كَانَ وَقْفٌ عَلَيْهَا هَذَا الشِّقْصُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْعَقْدُ وَمَعَهَا شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ أَبَاهَا حِينَ قَارَبَهُ الْمَوْتُ وَقَفَهُ عَلَيْهَا فَهَلْ تَثْبُتُ دَعْوَاهُمْ إذَا كَثُرَ الشُّهُودُ مَعَهُمْ مَثَلًا يَوْمَ الْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ أَوْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهَا وَهُوَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ عَدْلًا مَعَ يَمِينِهَا وَتَبْطُلُ دَعْوَاهُمْ وَقَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضِ وَلَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً بِأَلْفٍ ظَانًّا أَنَّهَا جَوْهَرَةٌ فَهَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا بَاعَتْ وَلَمْ تَكُنْ لَهَا مَعْرِفَةٌ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورِينَ شَيْئًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute