عَنْهُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ فَحُبِسَتْ فِيهِ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهَا؟
(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ لَا تَجِبُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَأَنْكَرَتْ وَحُكِمَ عَلَيْهَا بِالْحَبْسِ لَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا وَإِنْ صَدَقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي ذَلِكَ فَهُوَ كَمَرَضِهَا.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ عَمَّنْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ الْفَصْلِ هَلْ تَسْقُطُ كِسْوَتُهَا كَنَفَقَتِهَا؟
(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ الْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا نَشَزَتْ وَلَهَا كِسْوَةٌ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْج بِمُجَرَّدِ النُّشُوزِ فَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ تُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهَا وَبَيْنَ أَنْ يُبْدِلَهَا بِكِسْوَةٍ تَكْفِي لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاء الْفَصْلِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا كِسْوَتَهَا لَمْ أَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا وَيَبْعُدُ كُلّ الْبُعْدِ أَنْ يَنْكِح الرَّجُلُ امْرَأَةً وَيُطَلِّقُ فِي يَوْمِهِ وَنُوجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَةُ فَصْلٍ كَامِلٍ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ تَوَزَّعَ الْكِسْوَةُ عَلَى أَيَّامِ الْفَصْلِ وَيَجِبُ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ النِّكَاح.
وَكَلَام الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِيَهُ حَيْثُ قَالَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِيكٌ فَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يَكْسُهَا صَارَتْ دَيْنًا أَيْ كِسْوَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا يُقَاسُ ذَلِكَ بِمَا إذَا قَبَضَتْهَا أَوَّلَ الْفَصْل وَبَانَتْ مِنْهُ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْقَبْضِ فَلَمْ يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا طَرَأَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَلَا يُقَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا إذَا مَاتَ أَثْنَاءَ الْيَوْمِ قَبْلَ قَبْضِ نَفَقَتِهَا فَإِنَّ نَفَقَةُ الْيَوْمِ تَجِبُ لَهَا لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ مُتَقَارِبَةٌ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ أَوْجُهٌ مِنْ قَوْلِ الْبَارِزِيّ لَمَّا سَأَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ذَلِكَ بِمَا صُورَته هَلْ يُقَالُ تَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ بِدَلِيلِ مَا إذَا أَقْبَضَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَا رُجُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ لَوْ لَمْ تَسْتَحِقَّ لَرَجَعَ، أَوْ يُقَالُ تَسْتَحِقُّ بِالْقِسْطِ لَيْسَ إلَّا وَلَيْسَ نَظِيرُ مَا إذَا أَقْبَضَهَا لِأَنَّ هُنَاكَ لَمَّا اتَّصَلَ بِالْقَبْضِ لَمْ يُؤَثِّرْ مَا يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ نَقَلَ مَوْثُوقٌ بِهِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَأَظُنُّهُ صَاحِبَ الْإِفْصَاحِ مَا يُوَافِق الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي الرُّجُوع عِنْدَ الْقَبْضِ فَالْمَسْئُول الْأَنْعَام فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ وَاضْطَرَبَتْ فِيهَا الْآرَاء فَأَجَابَهُ الْبَارِزِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا صُورَتُهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا كِسْوَتَهُ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ اهـ.
وَنَصَّ أَيْضًا أَنَّ الْكِسْوَةَ كَالنَّفَقَةِ فَقَالَ وَأَصَحُّهُمَا وَنَسَبَ إلَى النَّصّ يَجِبُ تَمْلِيكُهَا كَالنَّفَقَةِ وَالْأَدَمِ وَسَوَّى بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمُ النَّفَقَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ وَالْكِسْوَةِ أَوَّلَ كُلِّ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ فَنَقُولُ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ بَعْدَ قَبْضِهَا الْكِسْوَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي رُجُوعه عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ طَلَاقُهَا فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ قَبْلَ الْكِسْوَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ كَنَفَقَةِ الْيَوْمِ اهـ.
وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ عَلِمْت أَنَّ مُسْتَنَدَهُ لَيْسَ إلَّا قِيَاسُ الْكِسْوَةِ عَلَى النَّفَقَةِ وَقَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا مَرَّ وَكَوْنُ الشَّيْخَيْنِ سَوَّيَاهَا بِهَا فِي كَوْنِهَا تَصِيرُ دَيْنًا وَفِي وَقْتِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ لَا يَسْتَلْزِمُ قِيَاسُهَا بِهَا فِي غَيْر ذَلِكَ لِوُجُودِ الْفَارِق مَعَ تَصْرِيحِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ بِالْفَرْقِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ يَحْتَمِلُ إلَى آخِر مَا مَرَّ عَنْهُ فِي سُؤَاله مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ جَوَابٌ عَلَى الصَّحِيحِ لِمَا مَرَّ
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَابَ زَوْجُهَا فَأَثْبَتَتْ إعْسَارَهُ وَفَسَخَتْ ثُمَّ عَادَ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا خَفِيَ عَلَى بَيِّنَة الْإِعْسَارِ فَهَلْ يُقْبَل؟
(فَأَجَابَ) بِمَا صُورَتُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا إنْ ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّهَا تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيَبْطُل الْفَسْخُ إذَا أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا أَرَادَ الزَّوْج نَقْلَ زَوْجَتِهِ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ فَامْتَنَعَتْ حَتَّى يَرْضَى الدَّائِنُ فَهَلْ تُجْبَرُ عَلَى السَّفَرِ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَة؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ تُجْبَرُ إذَا كَانَتْ مُعْسِرَةٌ، أَوْ كَانَ لَهَا مَالٌ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَإِلَّا لَمْ تُجْبَرْ حَتَّى يَأْذَنَ الدَّائِن أَوْ تَقْضِيَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ إجْبَارُهَا عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى إجْبَارِهَا عَلَى السَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا الدَّائِنُ أَوْ أَمَرَ الدَّائِن بِمُطَالَبَتِهَا، أَوْ الْإِذْنُ لَهَا فِي السَّفَرِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي النُّشُوزِ فَمِنْ