للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمْ صَرِيحًا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَأَكْفُرَ فِيكُمْ وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ الْخِنْزِيرِ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ فَإِنَّهُ عِنْدِي أَشْرَفَ مِنْكُمْ وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ مِصْرَ عَلَى الْعُمُومِ ثُمَّ إنَّهُ أَخَذَ فِي التَّكَلُّمِ عَلَى سَفِينَةٍ ثَانِيَةٍ غَيْرِ السَّفِينَةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَحَنَ بِهَا بِالْيَدِ وَالْقُوَّةِ بَقِيَّةَ حِمْلِ الْمُعَاقِدِينَ الْمَذْكُورِينَ الْمُتَأَخِّرِ شَحْنُهُ بِالْمَرْكَبِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا وَأَرْكَبَهُمْ بِهَا وَأَخَذَ مِنْهُمْ أُجْرَةَ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ وَالتَّغَلُّبِ وَالِافْتِيَاتِ ثُمَّ إنَّ الْمَرْكَبَ الثَّانِيَةَ الْمَذْكُورَةَ سَارَتْ قَلِيلًا وَغَرِقَتْ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَحْمَالِ وَالرِّكَابِ وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إلَّا الْقَلِيلُ وَكَانَ هَذَا التَّلَفُ وَالضَّيَاعُ بِمُخَالَفَةِ الْمَأْمُورِ الْمَذْكُورِ وَافْتِيَاتِهِ وَتَعَدِّيهِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ الْمَذْكُورَ وَمُخَالَفَةَ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَالِامْتِنَاعَ مِنْ شَحْنِهِ بَقِيَّةَ حِمْلِ الْمُعَاقِدِينَ الْمَذْكُورِينَ بِالْمَرْكَبِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي رَدِّ الْجَوَابِ عَنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ النَّبَوِيِّ عَلَى قَائِلِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِمَا ذَكَرَهُ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي مُقَالَتِهِ إنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ الْخِنْزِيرِ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ أَشْرَفُ مِنْكُمْ وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ مِصْرَ عَلَى الْعُمُومِ وَعَمَّا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ السَّبِّ وَالضَّرْبِ وَكَسْرِ ذِرَاعِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ بَقِيَّةِ الْحِمْلِ الْمَذْكُورِ الَّذِي أَشَحَنَهُ بِالْمَرْكَبِ الثَّانِيَةِ وَتَلِفَ بِغَرَقِهَا وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَحَلِّهِ وَقِيمَةُ مَا تَلِفَ بِالْمَرْكَبِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْحِمْلِ الَّذِي أَشَحَنَهُ فِيهَا بِالْقَهْرِ وَالْقُوَّةِ كَرْهًا عَلَى أَصْحَابِهِ أَمْ لَا وَمَاذَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا فِيمَنْ غَرِقَ مِنْ الرُّكَّابِ بِالْمَرْكَبِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ إكْرَاهِهِمْ عَلَى الرُّكُوبِ فِيهَا وَهَلْ تَسْقُطُ الْجَعَالَةُ الْمُعَيَّنَةُ لِلْمَأْمُورِ الْمَذْكُورِ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوحَةِ أَمْ لَا وَمَاذَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا بِمُخَالَفَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَمَا حُكْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ اُبْسُطُوا لَنَا الْجَوَابَ

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ اشْتَمَلَ مَا حُكِيَ عَنْ هَذَا الظَّالِمِ الْفَاسِقِ الْمُتَمَرِّدِ عَلَى قَبَائِحَ وَمَثَالِبَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَيَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ الدِّينَ وَقَصَمَ بِسَيْفِ عَدْلِهِ الطُّغَاةَ وَالْمُلْحِدِينَ أَنْ يُقَابِلَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِمَا يُنَاسِبُهَا مِنْ الْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ الْأَكِيدَةِ الْبَلِيغَةِ الزَّاجِرَةِ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْعَظَائِمِ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الشَّرِيعَةُ الْغَرَّاءُ وَالْمَحَجَّةُ الْوَاضِحَةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا وَنَهَارُهَا كَلَيْلِهَا فَلَا يَزِيغُ عَنْهَا إلَّا هَالِكٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ يَسْتَدْعِي الْكَلَامَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّا ذُكِرَ عَنْهُ فَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَلِيُّ الْأَمْرِ مِنْ النَّظَرِ فِيمَا ذُكِرَ بِالْمَصْلَحَةِ وَالرِّفْقِ إلَى الْحَيْفِ وَالْجَوْرِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِيهَا الْعُقُوبَةُ الْعَظِيمَةُ الْمُنَاسَبَةُ لِقَبِيحِ حَالِهِ وَعَظِيمِ جَرَاءَتِهِ حَتَّى عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ بِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ وَمُبَارِزَتِهِ لِأَوَامِرِهِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ النَّاسِ امْتِثَالُهَا وَالْإِذْعَانُ لَهَا بِنَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُقُوبَةَ عَلَى هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ تَشْتَدُّ وَتَتَضَاعَفُ بِحَسَبِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ حَتَّى يُزْجَرَ النَّاسُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ الْقَبِيحَةِ وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ مِنْ شَحْنِهِ بَقِيَّةَ حِمْلِ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَشَحْنِهِ بِمَالِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُ فِيهِ أَيْضًا التَّعْزِيرُ الْبَلِيغُ وَأُجْرَةُ مَا شَحَنَهُ فِيهِ فِي مَرْكَبِهِمْ الَّتِي اسْتَحَقُّوا مَنَافِعَهَا وَأَمَّا الْجَعَالَةُ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّكَلُّمِ عَلَى السَّفِينَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْمَصْلَحَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مِمَّا ذُكِرَ عَنْهُ عَيْنُ الْمَفْسَدَةِ وَالْجَوْرِ الْمُسَوِّدَيْنِ لِوَجْهِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْمُقْتَضَيَيْنِ لِتَعْمِيلِ حُلُولِ سَطَوَاتِ الِانْتِقَامِ بِهِ وَأَمَّا سَبُّهُ وَضَرْبُهُ وَشَتْمُهُ لِمَنْ ذُكِرَ فَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ الْعِقَابَ الشَّدِيدَ حَتَّى يَنْزَجِرَ عَنْهُ وَعَنْ أَمْثَالِهِ مِنْ قَبَائِحِهِ وَأَمَّا كَسْرُ ذِرَاعِ مَنْ ذُكِرَ فَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْحُكُومَةُ بَلْ قَطْعُ يَدِهِ، أَوْ الدِّيَةُ أَنْ يَعْرِفُوا شُرُوطَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ عَلَى قَائِلِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَنَّهُ لَا يُتَبَّرُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ فَقَرِينَةُ حَالِهِ قَاضِيَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ السُّخْرِيَةَ وَالِاسْتِهْزَاءَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ كَافِرًا مُرْتَدًّا مُرَاقَ الدَّمِ مُهْدَرَهُ لَا يُسَاوِي عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ فَيُضْرَبُ عُنُقَهُ إنْ لَمْ يَتُبْ

وَكَذَا إنْ تَابَ عَلَى رَأْيٍ قَالَ بِهِ كَثِيرُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ لَأَكْفُرَ فِيكُمْ فَإِنْ أَرَادَ تَعْلِيقَ الْكُفْرِ عَلَى عَدَمِ انْتِهَائِهِمْ، أَوْ التَّرَدُّدِ فِيهِ عِنْدَ ذَلِكَ كُفْرٌ فِي الْحَالِ فَيُضْرَبُ عُنُقُهُ إنْ لَمْ يَتُبْ أَيْضًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ الْخِنْزِيرِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ الْأَكِيدَ الْبَلِيغَ الشَّدِيدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>