يَفْعَلُهُ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. اهـ. فَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ مَا بَحَثَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَرَاهَةُ حَلْقِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّغْيِيرَ فِي الْحَاجِبِينَ لِمَزِيدِ ظُهُورِهِمَا وَوُقُوعِ الْمُوَاجِهَةِ بِهِمَا أَقْبَحُ مِنْهُ فِي حَلْقِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ فَلِذَا كُرِهَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَلَمْ يُكْرَهْ حَلْقَ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ.
(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا حُكْمُ حِنَّاءِ يَدَيْ الرَّجُلِ وَرِجْلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ حُكْمُ حِنَّاءِ يَدَيْ الرَّجُلِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ وَقَدْ لَعَنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ» وَبِهَذَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا حُكْمُ الْمُكَاتَبَاتِ بِجَمَالِ الدِّينِ وَتَقِيِّ الدِّينِ وَنُورِ الدِّينِ إذَا كَانَ الْمُلَقَّبُ بِذَلِكَ فَاسِقًا اُبْسُطُوا الْجَوَابَ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ لَا حَرَجَ فِي الْمُكَاتَبَاتِ بِنَحْوِ جَمَالِ الدِّينِ وَتَقِيِّ الدِّينِ وَلَوْ لِفَاسِقٍ اُشْتُهِرَ بِالتَّلَقُّبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِاللَّقَبِ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْرِيفِ لَا حَقِيقَةُ مَدْلُولِهِ لِأَنَّ تِلْكَ لَا يُلَاحِظُهَا إلَّا وَاضِعُ ذَلِكَ اللَّقَبِ وَأَمَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ وَضَعَ ابْتِدَاءً لِفَاسِقِ التَّلْقِيبِ بِنَحْوِ تَقِيِّ الدِّينِ حَرُمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُجَرَّدَ التَّعْرِيفِ دُونَ حَقِيقَةِ مَدْلُولِهِ فَحِينَئِذٍ لَا حُرْمَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ تُسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةُ عَنْ السِّقْطِ مُطْلَقًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ ظَهَرْت فِيهِ أَمَارَةُ التَّخَلُّقِ مِنْ تَخْطِيطٍ وَغَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الْعَقِيقَةَ إنَّمَا تُسَنُّ عَنْ سُقْطٍ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ كَمَا جَرَيْتُ عَلَيْهِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَأَمَّا مَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَهُوَ جَمَادٌ لَا يُبْعَثُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تُسَنُّ لَهُ عَقِيقَةٌ بِخِلَافِ مَا نُفِخَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ حَيٌّ يُبْعَثُ فِي الْآخِرَةِ وَيُنْتَفَعُ بِشَفَاعَتِهِ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ لَا يَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَفْهَمَ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تَابِعَةٌ لِلْوَلَدِ الَّذِي يَشْفَعُ وَهُوَ مَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَكَذَلِكَ يُقَيَّدُ نَدْبُهَا بِمَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْعَقِيقَةِ بِبَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ الْعَاقِّ عَنْهُ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ تُعْتَبَرَ بِبَلَدِ الْوَلَدِ تَخْرِيجًا عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَعُقُّ الْكَافِرُ عَنْ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ كَفِطْرَتِهِ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْعَاقِّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهَا وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ بِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ فَكَانَتْ أَعْنِي بَلَدَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ مُلْتَفَتًا إلَيْهَا دُونَ بَلَدِ الْمُؤَدِّي فَاخْتُصَّتْ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ.
وَأَمَّا الْعَقِيقَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَاخْتِصَاصِهَا بِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ فَالْأَعْيَنُ لَا تَطَلُّعُ إلَيْهَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا بَلَدُ الْوَلَدِ بَلْ الْعَاقُّ لِأَنَّ الْأَعْيَنَ إنْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا نَوْعَ تَطَلُّعٍ فَإِنَّمَا تَطْلُعُ لِبَلَدِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لِهَذَا الْفَرْقِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى التَّخَرُّجِ فِيهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمُوَاسَاةُ لَلْمُسْتَحِقِّينَ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ إيجَابِ شَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا هُنَا فَالسُّنِّيَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي أَيِّ الْمَحَالِّ أَوْلَى بِالْإِخْرَاجِ وَبَلَدُ الْعَاقِّ أَوْلَى بِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ أَوْ أَرْسَلَ إلَى بَلَدِ الْوَلَدِ وَفُعِلَتْ فِيهَا أَجْزَأَتْ ثُمَّ إذَا بَلَغَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمِ السَّابِعِ مِنْ الْوِلَادَةِ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا عَقِبَ بُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْهُ أَوْ الثَّالِثِ.
كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُقَاسُ بِالْعَقِيقَةِ فِيمَا مَرَّ الْأُضْحِيَّةُ وَالْوَلِيمَةُ بِأَنْوَاعِهَا الَّتِي ذَكَرُوهَا فَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا عَلَى الْأَقْرَبِ بِبَلَدِ الْمُضَحِّي وَالْمُولِمِ زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ إلَى قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] يَوْمَ يَعُقُّ عَنْ الْمَوْلُودِ هَلْ لِذَلِكَ أَصْلُ خَبَرٍ أَوْ أَثَرٍ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ لِذَلِكَ أَصْلًا خَبَرًا وَلَا أَثَرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُبْتَدَعَاتِ الْعَوَامّ الْجَهَلَةِ الطَّغَامِ فَيَنْبَغِي