للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمُهُمَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ حَرَكَةَ الْيَدَيْنِ تُحْسَبُ حَرَكَتَيْنِ سَوَاءٌ وَقَعَتَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا، حَتَّى لَوْ حَرَّكَهُمَا مَعَ رَأْسِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ: كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ - بِضَمِّ الْخَاءِ - وَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ خُطْوَةٍ مُغْتَفَرَةٍ وَثَلَاثِ مَضَغَاتٍ وَتَحْرِيكِ يَدَيْهِ وَرَأْسِهِ، وَلَوْ مَعًا؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا فَرْقَ عِنْدَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ انْتَهَتْ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ فَوَائِتُ كَثِيرَةٌ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَهَا مَعَ مُؤَدَّيَاتِهِ؛ لِعُسْرِ تَوَالِيهَا عَلَيْهِ، فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ تَقْدِيمُ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى الْمُؤَدَّاةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهَا، وَلَا يَفُوتُهُ بِذَلِكَ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَإِذَا أَخَّرَهَا عَنْ الصُّبْحِ، أَوْ الْعَصْرِ تَكُونُ مَكْرُوهَةً لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ فَائِتَةٍ؛ لِيَقْضِيَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ نَدْبُ تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ عَلَيْهَا؛ إذْ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْهَا عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ وَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي الْحَاضِرَةَ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ صَلَّى الْفَائِتَةَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ كَانَ أَدْرَكَ الْحَاضِرَةَ مَعَهُمْ فَذَاكَ، وَإِلَّا صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا أَيْضًا اهـ.

فَإِذَا قُدِّمَتْ الْفَائِتَةُ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ، فَتَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ أَوْلَى. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِهِ لَكِنْ لَوْ قِيلَ مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، وَإِذَا قَضَاهَا بَعْدَ الْعَصْرِ، أَوْ الصُّبْحِ لَمْ تُكْرَهْ. وَمُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مَا إذَا أَخَّرَ الْفَائِتَةَ لِأَجْلِ إيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، وَهُنَا لَمْ يَقْصِدْ مُؤَخِّرُهَا إلَّا التَّخْفِيفَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُرَاغَمَةٌ لِلشَّرْعِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَرَأَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ} [الفلق: ١] ، عَلَى نِيَّةِ أَنْ يُكْمِلَ سُورَةَ الْفَلَقِ فَطَرَأَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: ١] فَبَنَى عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِمَّا ذَكَرَ فَهَلْ تَحْصُلُ لَهُ قِرَاءَةُ سُورَةٍ كَامِلَةٍ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: نَعَمْ، تَحْصُلُ لَهُ لِاتِّفَاقِ السُّورَتَيْنِ فِي هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي أَتَى بِهِ، وَقَصْدُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ قُرْآنٍ إلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ صَارِفًا بَلْ مِنْ قُرْآنٍ إلَى قُرْآنٍ آخَرَ وَهُوَ لَا يَضُرُّ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ: وَرَدَ قِرَاءَةُ النَّظَائِرِ فِي تَهَجُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ عِشْرُونَ سُورَةً عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ مُصْحَفِ الْإِمَامِ، فَهَلْ الْأَوْلَى لِمَنْ أَرَادَ قِرَاءَتَهَا فِي تَهَجُّدِهِ اتِّبَاعُ مَا وَرَدَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّوَالِي عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْوَارِدُ عَدُّهَا بِالْوَاوِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَقَعَ سَرْدُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الرَّحْمَنُ وَالنَّجْمُ فِي رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةُ فِي رَكْعَةٍ، وَالطُّورُ وَالذَّارِيَاتُ فِي رَكْعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالدُّخَانُ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِي رَكْعَةٍ، وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ آخِرَهُنَّ مِنْ الْحَوَامِيمِ حم الدُّخَانُ وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَقَالَ أَيْضًا عَنْ الْأَعْمَشِ هُنَّ عِشْرُونَ سُورَةً؛ أُولَاهُنَّ: الرَّحْمَنُ؛ وَآخِرُهُنَّ: الدُّخَانُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَالذَّارِيَاتُ وَالطُّورُ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَالدُّخَانُ اهـ.

وَلَا يُنَافِيه قِرَاءَةُ السُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الطُّورُ وَالذَّارِيَاتُ مَثَلًا فِي رَكْعَةٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِتَقْدِيمِ الذَّارِيَاتِ وَتَأْخِيرِهَا.

وَالْحَدِيثُ لَا يُنَافِيه لَكِنْ إذَا قُدِّمَتْ الذَّارِيَاتُ حَصَلَ سُنَّتَا التَّرْتِيبِ وَالتَّوَالِي الْمَعْهُودُ فِي الْمُصْحَفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُدِّمَتْ الطُّورُ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا التَّوَالِي وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُ الرَّحْمَنِ عَلَى النَّجْمِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَتَأْخِيرُ الدُّخَانِ فِي الْأَخِيرَةِ لِقَوْلِهِ: أُولَاهُنَّ: الرَّحْمَنُ، وَآخِرُهُنَّ: الدُّخَانُ.

وَأَمَّا التَّوَالِي فَلَا يُمْكِنُ إلَّا فِي بَعْضِ السُّوَرِ؛ لَا فِي الرَّحْمَنِ وَالنَّجْمِ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَاصِلًا لَكِنَّ عَدَمَ التَّوَالِي مَعْهُودٌ لِقِرَاءَةِ السَّجْدَةِ وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصُ فِي أَمَاكِنِهِمَا الْمَعْرُوفَةِ، فَتُسَنُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعِشْرِينَ سُورَةً فِي التَّهَجُّدِ؛ لِلِاتِّبَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَوَالٍ قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ رَدَّدَ كَلِمَةً مِنْ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَجْلِ مَخْرَجِ حَرْفٍ، هَلْ يَسْتَأْنِفُ الْقِرَاءَةَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: حَيْثُ رَدَّدَ الْكَلِمَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثَلَاثًا، أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَبْطُلْ قِرَاءَتُهُ وَلَا مُوَالَاتُهُ؛ سَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ أَمْ لِغَيْرِهِ.

(وَسُئِلَ) - فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَمَّنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ هَلْ يُصَلِّيهَا فِيهِ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>