للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا مِنْ النَّافِلَةِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَائِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ: لَا تُحْسَبُ وَانْتَصَرَ لَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّفَلَ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الْفَرْضِ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ النِّيَّةُ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالنَّفَلِ الْمُسْتَقِلِّ أَوْلَى بِعَدَمِ الِاحْتِسَابِ مِنْ سَجْدَةِ الِاسْتِرَاحَةِ اهـ وَيُرَدُّ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ اشْتِمَالِ النِّيَّةِ عَلَى تِلْكَ السَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَسِيَ كَانَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَمَا بَعْدَهُ لَغْوًا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَحَلِّ السَّجْدَةِ الْمَتْرُوكَةِ فَتُحْسَبُ لَهُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَتَى بِهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ أُخْرَى لِعُذْرِهِ بِنِسْيَانِهِ الْمُتَسَبِّبِ عَنْهُ هَذَا الظَّنُّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِأَنَّ هَذِهِ فَعَلَهَا لِعَارِضٍ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ التِّلَاوَةُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ فَكَانَ ذَلِكَ صَارِفًا لِنِيَّةِ الصَّلَاةِ فَلَمْ تُحْسَبْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَنْ سُجُودِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا صَارِفًا غَيْرَ مَعْذُورٍ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُسْبَانِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ لَحِقَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ مَثَلًا وَسَجَدَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ وَهُوَ جَالِسٌ نَاسٍ فَذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَسْجُدْ أَوْ سَجَدَ سَجْدَةً وَبَقِيَتْ الثَّانِيَةُ هَلْ يَسْجُدُهَا أَوْ يَسْجُدُ الْجَمِيعَ إذَا لَمْ يَسْجُدْ أَوْ يَتْرُكْ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي فِي شَرْحِي لِلْمِنْهَاجِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ وَيَصِيرُ كَالرُّكْنِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَإِلَّا تُعَادَ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ مِنْهَا رُكْنًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِسُجُودِ إمَامِهِ لِلتِّلَاوَةِ إلَّا وَقَدْ فَرَغَ مِنْهُ لَمْ يُتَابِعْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ فَاتَ مَحَلُّهُ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ عَنْ مَأْمُومٍ سَلَّمَ إمَامُهُ فَقَامَ لِإِتْيَانِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَرَأَى فِي قِيَامِهِ سُجُودَ إمَامِهِ لِلسَّهْوِ فَهَلْ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلسُّجُودِ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ أَوْ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلسُّجُودِ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خَطَأَهُ فِي عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ بِشَرْطِهِ يَعُودُ إلَى الصَّلَاةِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ سَلَامَهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ تَحَلُّلٌ لِمَا قَرَّرُوهُ أَنَّ السَّلَامَ مَتَى شُرِعَ بَعْدَهُ الْعَوْدُ لِسُجُودِ السَّهْوِ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ سَلَامِ التَّحَلُّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ لِلصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ بِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بَانَ أَنَّهُ لِلتَّحَلُّلِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ لِلْإِتْيَانِ بِمَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَوْدُ إلَى الْجُلُوسِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ سَلَّمَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ بِذَلِكَ إلَّا وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْقُعُودِ وَيُلْغِي مَا أَتَى بِهِ ثُمَّ يَقُومُ وَيَأْتِي بِجَمِيعِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَوْ قَامَ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا إذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَعْدَ إتْمَامِهِ إيَّاهُ وَالْمَأْمُومُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ بَعْدُ أَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ وَتَرْكُ الْبَقِيَّةِ رِعَايَةً لِلْمُتَابَعَةِ أَمْ لَهُ الْقُعُودُ لِلْإِتْمَامِ إتْيَانًا بِمَا أُمِرَ بِهِ أَوْ يُقَالُ إنْ لَمْ يَطُلْ الْمُكْثُ بِقِرَاءَةِ الْبَقِيَّةِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ فَهَلْ الْأَوْلَى الْمُتَابَعَةُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: اضْطَرَبَتْ فِي ذَلِكَ فَتَاوَى مَشَايِخِنَا وَأَهْلِ عَصْرِهِمْ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةِ التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْقُنُوتُ عِنْدَ تَرْكِ إمَامِهِ لَهُ إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْإِمَامُ، وَإِنَّمَا أَدَامَ مَا كَانَ فِيهِ الْإِمَامُ فَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ إتْيَانِهِ بِالتَّشَهُّدِ عِنْدَ تَرْكِ إمَامِهِ لَهُ لِمَا فِيهِ حِينَئِذٍ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَمَنْ أَتَمَّ التَّشَهُّدَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِالتَّخَلُّفِ لِلْإِتْمَامِ وَالْقَائِلِينَ بِعَدَمِهِ فَلَا يُقَاسُ الْإِتْمَامُ بِأَصْلِ الْإِتْيَانِ فَتَدَبَّرْهُ لِيَظْهَرَ لَك ضَعْفُ مَنْ مَنَعَ التَّخَلُّفَ لِلْإِتْمَامِ كَالتَّخَلُّفِ لِلْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنَّمَا سَوَّوْا بَيْنَ التَّخَلُّفِ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَالتَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهَا فِي امْتِنَاعِهِمَا عِنْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا سُورَةَ لَهُ بِالْأَصَالَةِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْ الْمَأْمُومِ بِالْأَصَالَةِ، وَأَيْضًا فَهُوَ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَهِيَ آكَدُ مِنْ السُّورَةِ نَعَمْ قَيَّدَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي فَتَاوِيهِ جَوَازَ التَّخَلُّفِ لِذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ يَسِيرًا وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ إلَى إنْ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَخَلُّفِهِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ لِسُنَّةٍ وَالتَّخَلُّفُ بِهِمَا وَلَوْ لِسُنَّةٍ مُبْطِلٌ وَإِذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>