وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ (فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ) فَهُوَ شَدِيدُ الضَّعْفِ اشْتَدَّ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِي أَحَدِ رُوَاتِهِ تَجْرِيحًا وَذَمًّا وَمِنْهُ أَنَّهُ يُرْوَى فِي الْمَوْضُوعَاتِ كَحَدِيثِ مَا هَلَكَتْ أُمَّةٌ إلَّا فِي إدَارٍ وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا فِي إدَارٍ وَأَنَّ حَدِيثَهُ هَذَا الَّذِي فِي التَّرَاوِيحِ مِنْ جُمْلَةِ مَنَاكِيرِهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ السُّبْكِيّ بِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ قَالَ الذَّهَبِيُّ وَمَنْ يُكَذِّبُهُ مِثْلُ شُعْبَةَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى حَدِيثِهِ وَمِمَّا يَرُدُّهُ مَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ يَزِدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نِعْمَت الْبِدْعَةُ أَيْ التَّرَاوِيحُ. فَهُوَ صَرِيحٌ فِي حُدُوثِهَا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعُوهُ لَكِنَّهَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، نَعَمْ رَوَى ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ انْتَظَرُوهُ فِي الْقَابِلَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ» .
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ نَسِيَ قِرَاءَةَ سَبِّحْ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فِي الْوِتْرِ فَهَلْ يَقْرَؤُهُ إذَا تَذَكَّرَ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ فِيمَا إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ وَصَلَهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَتَدَارَكُ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ. نَظِيرُ مَا لَوْ تَرَكَ سُورَتَيْ أُولَيَيْ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ يَتَدَارَكُهُمَا فِي ثَالِثَتِهَا، وَأَمَّا إذَا فَصَلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَدَارَكُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأُولَى صَارَتْ الثَّلَاثَةُ فِيهَا صَلَاةً وَاحِدَةً فَلَحِقَ بَعْضَهَا نَقْصُ بَعْضٍ فَشُرِعَ فِيهَا التَّدَارُكُ جَبْرًا لِذَلِكَ الْبَعْضِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الثَّالِثَةَ بِالْفَصْلِ صَارَتْ كَأَجْنَبِيَّةٍ عَنْ الْأُولَيَيْنِ فَلَمْ يُشْرَعْ تَدَارُكٌ فِيهَا.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا لَفْظُهُ مَا مُلَخَّصُ مَا لِلنَّاسِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ جَمَعَ التَّقِيُّ السُّبْكِيّ فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا نَافِعًا سَمَّاهُ إشْرَاقَ الْمَصَابِيحِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ. فَانْظُرُوهُ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ تَلْخِيصِهِ إلَّا ضِيقُ الْوَقْتِ وَكَثْرَةُ الِاشْتِغَالِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا لَفْظُهُ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ صَلَاةَ الضُّحَى مُحْتَجًّا بِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «مَا رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَبِّحُ سُبْحَةَ الضُّحَى وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا» وَبِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى قَالَتْ لَا إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ» فَالْقَصْدُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مُقَدِّمِينَ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثَ الْمُثْبِتَةَ لَهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مِمَّا يُثْبِتُهَا حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمُّ هَانِئٍ. فَإِنَّهَا قَالَتْ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ فَلَمْ أَرَ صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ «نُزُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ وَأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الثَّمَانِ سَأَلَتْهُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ قَالَ صَلَاةُ الضُّحَى» وَرَوَى مُسْلِمٌ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ» وَصَحَّ عَنْ أَنَسٍ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ» وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى سِتَّ رَكَعَاتٍ فَمَا تَرَكَهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ» وَفِي أُخْرَى سَنَدُهَا حَسَنٌ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى» وَفِي أُخْرَى عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ «خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى حَرَّةِ بَنِي مُعَاوِيَةَ وَتَبِعْت أَثَرَهُ فَصَلَّى الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ طَوَّلَ فِيهِنَّ ثُمَّ انْصَرَفَ» وَفِي أُخْرَى لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الضُّحَى بِبَقِيعِ الزُّبَيْرِ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَقَالَ إنَّهَا صَلَاةُ رَغَبٍ وَرَهَبٍ» وَفِي أُخْرَى لِأَحْمَدَ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى فَقَامُوا وَرَاءَهُ فَصَلَّوْا» وَفِي أُخْرَى لِلْبَزَّارِ وَابْنِ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ وَبِالْفَتْحِ» وَفِي أُخْرَى لِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ «عَنْ عَائِذِ بْنِ عُمَرَ وَكَانَ فِي النَّافِلَةِ فَتَوَضَّأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ صَلَّى بِنَا الضُّحَى» وَفِي أُخْرَى سَنَدُهَا ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتْرُكُ صَلَاةَ الضُّحَى فِي سَفَرٍ وَلَا غَيْرِهِ» وَفِي أُخْرَى رِجَالُهَا ثِقَاتٌ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى» وَفِي أُخْرَى عَنْهُ.