للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لِجُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْقَفَّالِ السَّابِقِ أَنَّهُ إنْ عَصَى بِالسَّفَرِ أَوْ الْإِقَامَةِ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ وَالْإِقَامَةَ لَا دَخْلَ لَهُمَا فِي إبَاحَتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُمَا السَّبَبَ لِنَحْوِ الْجُرْحِ الْمُجَوِّز لِلتَّيَمُّمِ فَإِنْ تُصُوِّرَ ذَلِكَ زَالَ الْإِشْكَال.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ جَمْعَ التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِير قَدْ يَكُونُ أَفْضَلِ وَلَا تَفَاضُلَ بَيْنَ الْجَائِزَيْنِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْجَمْعُ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَا مَنْدُوبًا لَكِنَّ التَّفَاضُلَ بَيْنَ نَوْعَيْهِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُ الْجَمْعِ الْجَائِز حَتَّى يُرَدَّ مَا ذُكِرَ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا اقْتَرَنَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ الْكَمَالِ الَّذِي عَادَ عَلَى الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ بِكَمَالٍ خَلَى عَنْهُ الْجَمْعُ الْآخَر.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيم وَجَبَ إعَادَتهمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرُّكْنَ مِنْهَا وَيُمْنَعُ جَمْعُ التَّقْدِيمِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّانِيَة فَيَطُولَ بِهَا الْفَصْلُ فَوَجَبَ فِعْلُهُمَا فِي وَقْتَيْهِمَا وَامْتَنَعَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ فِيهِمَا فَهَلْ يَمْتَنِعُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَيْضًا أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وَوَجْهُهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ خِلَافَهُ أَنَّهُ حَيْثُ أُمِرَ بِإِعَادَتِهِمَا. فَكَأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَفْعَلهُمَا فَيَجُوزُ لَهُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى هَذَا جَوَازُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ لِمَا ذُكِرَ وَأَيْضًا فَكَمَا رُوعِيَ فَسَادُ الثَّانِيَة حَتَّى امْتَنَعَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ حَتَّى يَمْتَنِعَ جَمْعُ التَّأْخِيرِ قُلْت إنَّمَا رَاعَيْنَا ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ بِالنِّسْبَةِ لِجَمْعِ التَّقْدِيم؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُرَاعِهِ لَوَقَعَتْ الْعَصْرُ فَاسِدَةً عَلَى أَحَدِ التَّقَادِيرِ فَكَانَ الْأَسْوَأُ امْتِنَاعَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَأَمَّا الْأُولَى فَصَحِيحَةٌ عَلَى سَائِرِ التَّقَادِيرِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْفَاسِدَة فَوَاضِحٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَدَاءٌ وَإِنْ كَانَ الْفَاسِد الثَّانِيَة فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا وَلَا يَضُرُّ ضَمُّهُ إلَيْهَا صُورَةَ فَرْضٍ آخَرَ احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَمَنْ أَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا كَأَنَّهُ لَمْ يَلْحَظْ مَا قُلْنَاهُ وَلَمْ يَتَأَمَّلْهُ إذْ بِتَأَمُّلِهِ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ وَيَظْهَرُ بُطْلَانُ جَمِيعِ مَا أَوْرَدَهُ الْمُعْتَرِضُ وَتَكَثَّرَ أَوْ شَنَّعَ بِهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ سَافَرَ وَدَارُهُ خَارِجَ السُّورِ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الدُّخُولِ مِنْ السُّورِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى مَقْصِدِهِ فَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مَاذَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَرَاءَ السُّورِ عِمَارَاتٌ وَسَافَرَ مَنْ دَارُهُ خَارِجَهُ وَاحْتَاجَ فِي الذَّهَابِ إلَى مَقْصِدِهِ لِلدُّخُولِ مِنْ السُّورِ ثُمَّ الْخُرُوجِ مِنْهُ ثُمَّ قَطْعِ الْعِمَارَاتِ الَّتِي وَرَاءَهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ أَنَّهُ لَا يَتَرَخَّص حَتَّى يُجَاوِزَ الْعِمَارَاتِ الَّتِي وَرَاءَ السُّورِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّورَ لَا عِبْرَةَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بَلْ جَمِيعِ الْعِمَارَاتِ الَّتِي خَارِجَ السُّورِ بِمَنْزِلَةِ بَلَدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا وَإِنْ خَرَجَ مِنْ السُّورِ.

(وَسُئِلَ) أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ مُسَافِرٍ صَلَّى الظُّهْرَ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَعَادَهَا جَمَاعَةً فَهَلْ لَهُ جَمْعُ الْعَصْرِ تَقْدِيمًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذْ الْفَرْضُ هُوَ الْأُولَى فَالْمُعَادَةُ فَاضِلَةٌ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْمُسَافِر إذَا أَرَادَ الْجَمْعَ تَأْخِيرًا ثُمَّ أَرَادَ دُخُولَ مَقْصِدِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ مَقْصِدِهِ قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ كَمَا قَدَّمْته مَبْسُوطًا وَأَشَرْت ثَمَّ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَبْسُوطَةٌ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِي عَلَى إيضَاحِ النَّوَوِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ هَلْ السَّفَرُ لِلتَّنَزُّهِ كَالسَّفَرِ لِرُؤْيَةِ الْبِلَادِ أَوْ لَا فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ أَنَّ التَّنَزُّهَ قَصْدٌ صَحِيحٌ يُبِيحُ الْقَصْرَ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ لَكِنْ فَرَضُوا الْكَلَامَ فِي التَّنَزُّهِ فِيمَا لَوْ سَلَكَ أَبْعَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِذَلِكَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قَاصِدَ الثَّانِي غَيْرُ جَازِمٍ بِمَقْصِدٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَائِمِ بِخِلَافِهِ فِي التَّنَزُّهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلَ عَلَى السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلَ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا وَلَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَانَ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ اهـ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّنَزُّهَ غَرَضٌ صَحِيحٌ يُقْصَدُ فِي الْعَادَةِ لِلتَّدَاوِي وَنَحْوِهِ كَإِزَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>