للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ فَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا أَمْ مَهْجُورَةٌ فَتُلْغَى بَيِّنُوا ذَلِكَ لَنَا بَيَانًا شَافِيًا وَسُوقُوا فِيمَا أَوْقَعَ الْإِشْكَالَ وَاللَّبْسَ دَلِيلًا كَافِيًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَمُرَادُنَا الْإِفَادَةُ لَا التَّعَصُّبُ كَمَا هُوَ لِأَهْلِ الْوَقْتِ عَادَةٌ جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَأَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ؟

فَأَجَابَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سِرَاجُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ الْمَقْبُول الْأَسَدِيُّ قَاضِي قُضَاةِ أَبِي عَرِيشٍ بِالْيَمَنِ بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَعَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ وَبِهِ نَسْتَعِينُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ أَنَّ الْأَجْوِبَةَ الْمَذْكُورَةَ صَحِيحَةٌ مُنَقَّحَةٌ صَرِيحَةٌ وَأَنَّ جَوَابَ الْفَقِيهِ الْعَلَّامَة الْأَجَلِّ الْبَحْرِ الْحَبْرِ الْفَهَّامَةِ غُرَّةِ وَجْهِ الزَّمَنِ وَأَعْلَمِ عُلَمَاءِ الْيَمَنِ بُرْهَانِ الدِّينِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ مُطَيْرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الصِّحَّةِ وَالتَّحْقِيقِ جَامِعٌ لِأَنْوَاعِ التَّحْرِيرِ وَالتَّدْقِيقِ.

وَلَقَدْ أَجَابَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَجَادَ وَأَصَابَ الْغَرَضَ وَأَفَادَ بِجَوَابٍ طَابَقَ مَعْنَى السُّؤَالِ وَجَلَّى بِصُبْحِ فَهْمِهِ لَيْلَ الْإِشْكَال وَدَفَعَ بِيَدِ عِلْمِهِ عَنْ وَجْهِ الْحَقِّ جِلْبَابَ الْبَاطِلِ وَأَزَالَ فَلَا مُخَالَفَةَ فِي تَصْحِيحِ مَقَالَتِهِ وَلَا رَدَّ لِصَرِيحِ عِبَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي جَوَابِهِ بِمَا لَمْ يُنْسَجْ عَلَى مِنْوَالِهِ، وَلَا جَرَتْ أَقْلَامُ الْفُقَهَاء الْمُعْتَبَرِينَ بِمِثَالِهِ حَيْثُ جَمَعَ جَوَابُهُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مِنْ مُحَقِّقٍ عَارِفٍ فَصَدَّرَ الْكَلَامَ بِقَوْلِ الْحُسَيْنِ الْأَهْذَلِيِّ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِ زَكَرِيَّا وَذَيَّلَ فَحَلَّ بِذَلِكَ عُرَى الِالْتِبَاسِ وَأَزَالَ الْإِشْكَالَ وَالْوَسْوَاسَ فَالْحَاصِلُ عِنْدَنَا صِحَّةُ الْأَجْوِبَةِ وَأَمْضَاهَا وَجَوَازُ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا فَلَا مُخَالَفَةَ لِذَلِكَ وَلَا مَزِيدَ عَلَى مَا هُنَالِكَ وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرٍ مِنْ الْفُقَهَاء الْمُجْتَهِدِينَ وَقَالَ بِهِ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاء الْعَامِلِينَ إنَّهُ يَصِيرُ حُجَّةً وَإِجْمَاعًا وَعَلَيْهِ التَّعْوِيلُ وَلَا يَسَعُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ الِاجْتِهَادُ فِي إبْطَالِ ذَلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ تَفْصِيلٍ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّر وَالْمُهَذَّبُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَاب وَأُصُولِ الْمَذْهَبِ.

وَمَا جَزَمَ بِهِ بُرْهَانُ الدِّينِ تَبَعًا لِلنَّاشِرِيِّ وَالْأَهْذَلِيِّ فِي أَثْنَاءِ الْجَوَابِ يُفْصِحُ عَنْ تَحْقِيقِ الْبَحْثِ وَإِصَابَةِ الصَّوَابِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمُؤَيِّدُ لِمَا هُنَالِكَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ شَرْحِهِ لِلرَّوْضِ مَا لَفْظُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُفْتِيَانِ جَوَابًا وَصِفَةً وَلَا نَصَّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مَعَ أَحَدِهِمَا قُدِّمَ الْأَعْلَمُ وَكَذَا إذَا اُعْتُقِدَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ كَمَا يُقَدَّمُ أَرْجَحُ الدَّلِيلَيْنِ وَأَوْثَقُ الرِّوَايَتَيْنِ وَيُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ عَلَى الْأَوْرَعِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْفَتْوَى بِالْعِلْمِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْوَرَعِ. فَلَوْ كَانَ ثَمَّ نَصٌّ قُدِّمَ مَنْ مَعَهُ النَّصُّ وَكَالنَّصِّ الْإِجْمَاع اهـ. لَفْظُهُ هَهُنَا ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَ هَذَا بِنَحْوِ وَرَقَةٍ مَا لَفْظُهُ وَلَوْ تَعَارَضَ جَزْمُ مُصَنَّفَيْنِ فَكَتَعَارُضِ الْوَجْهَيْنِ فَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْبَحْثِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ فَلَوْ جَزَمَ مُصَنِّفَانِ بِشَيْءٍ وَثَالِثٌ مُسَاوٍ لِأَحَدِهِمَا بِخِلَافِهِ رَجَّحْنَاهُمَا عَلَيْهِ اهـ. لَفْظُهُ وَقَدْ اتَّضَحَ ذَلِكَ كُلَّ الِاتِّضَاحِ وَظَهَرَ بُرْهَانُ الْحَقِّ وَلَاحَ.

وَهَذَا مَا تَيَسَّرَ لَنَا مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ. الْقَدِيرِ عُمَرُ بْنُ الْمَقْبُولِ بْنِ عُمَرَ الْأَسَدِيُّ عَامَلَهُ اللَّهُ بِلُطْفِهِ الْخَفِيِّ وَغَفَرَ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَجَابَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَة الْبَحْرُ الْحَبْرُ الْفَهَّامَةُ الْفَقِيهُ الْهَادِي بْنُ حَسَنٍ الصَّيْرَفِيُّ بِمَا صُورَته الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْأَجْوِبَةُ صَحِيحَةٌ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ الْهَادِي بْنُ حَسَنٍ الصَّيْرَفِيُّ لَطَفَ اللَّهُ بِهِ وَبِوَالِدَيْهِ وَبِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؟

(فَأَجَابَ) سَيِّدُنَا وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَة الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مَتَّعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ وَنَفَعَ بِعُلُومِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِمَا صُورَتُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدَ مُعْتَرِفٍ بِتَقْصِيرِهِ مُغْتَرِفٍ مِنْ بِحَارِ مَدَدِهِ وَتَيْسِيرِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ الدِّينَ بَعْدَ خَفَائِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ كَمَالِ عَلْيَائِهِ مَا دَامَتْ شَرِيعَتُهُ الْغَرَّاءُ مُشَيَّدَةَ الْأَرْكَان بِأَئِمَّةِ التَّحْقِيق وَفُرْسَانِ الْبُرْهَانِ وَبَعْدُ فَقَدْ وَرَدَ عَلَيَّ هَذَا السُّؤَالُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَوِي الْفَصَاحَةِ وَاللُّسُنِ طَلَبًا لِحَلِّ إشْكَالِهِ وَإِزَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>